Posted in

عمر النعمة يكتب | (السلال الرقمية).. مرشحون على ورق، وأصوات تُهدى للمتصدر!

 

عراقيون / مقالات رأي

سألت صاحبي المرشح أين تجد ثقلك الانتخابي المناطقي فأجابني: في قلوب المحبين!؟ فاستشكلت عليه مصطلح (المحبين) الذين يتناولون الغداء عند زيد ويتبعونه بعشاء عبيد فقال لي: ما الحب إلا للحبيب الأول

قرار المشاركة في الانتخابات ليس عاطفياً، بل عقلانياً بامتياز، ورغبتك في السباق الانتخابي لا تعني شيئاً أمام رصيد محدود تمتلكه من علاقات قد لا تتجاوز 1000 شخص بأفضل احتمال، وتصورك بامتلاكك أكثر من 4000 صديق على مواقع التواصل حاول ان عدم تذكرها الى النهاية.

في كل موسم انتخابي نيابي أو محلي محافظي، تتكرر ذات اللعبة بأسماء جديدة، ووعود مكررة، وصناديق تملأها بعض الحقائق والأوهام. ومع اقتراب الانتخابات النيابية المقبلة في العراق، تبرز إلى الواجهة ظاهرة مقلقة تُعرف اصطلاحًا داخل الأوساط السياسية بـ (السلال الرقمية).

مصطلح يبدو تقنياً للوهلة الأولى، لكنه في جوهره سياسي بامتياز. هو توصيف لأولئك (المرشحين الرقميين) الذين يُدفع بهم في القوائم الانتخابية لا طمعًا بتمثيل حقيقي، بل لحصد ما يمكن من أصوات ناخبين، تُضاف لاحقًا إلى رصيد من نال أعلى الأصوات، بحكم نظام احتساب المقاعد في التعديل الأخير.

هؤلاء (المرشحون بالأرقام) – إن جاز الوصف – لا يملكون رصيداً شعبياً، ولا سجلاً خدمياً، ولا حتى صورة معروفة لدى جمهورهم المحتمل. إنهم مجرد رقم يُستثمر في ماكينة انتخابية كبرى، تحسب فيها الأصوات بالحاسبة لا بالقلوب، وتُقاس فيها فرص الوصول إلى البرلمان لا بالكفاءة، بل بكمية الأصوات المُجمّعة من المرشحين التابعين.

والمشكلة لا تتوقف عند هذا الحد. بل المأساة أن بعض هؤلاء “(الرقميين) يصدقون أنفسهم، ويعيشون وهماً انتخابياً، ويتوهمون النصر القادم.

في المقابل، وعلى الجانب الأكثر صدقاً من الصورة، هناك مرشحون لا يملكون مالاً سياسياً ولا دعمَ قوائم ضخمة، لكنهم صنعوا حضورهم الميداني بمثابرتهم، وخدمتهم للناس، ووقوفهم في الخط الأول من معاناة نينوى. أولئك لا يحتاجون إلى حملة تسويقية بل إلى عدالة انتخابية. لا يروجون لأنفسهم عبر فيديوهات “تيك توك” بأغانٍ حماسية، بل يخاطبون الشارع بلغة الحاجات والإنجازات.

وفي نينوى أسماء لها ثقلها الانتخابي تتوزع بين القوائم المختلفة أمثال العباسي والياور والنجيفان ومن النساء سمية الخابوري ورحيمة الحسن.

الديمقراطية التي لا تنصف الكفاءات، ولا تمنح الفُرَص لمن عملوا بصدق، تتحول تدريجياً إلى سوق نخاسة سياسية، يُباع فيها الصوت الانتخابي لمن يملك أكثر، لا لمن يستحق أكثر.

آن الأوان أن ننتبه كمواطنين في نينوى والعراق عامةً إلى هذه (السلال الرقمية)، وأن نكفّ عن التصويت لمن لا نعرف، ولا نرى، ولا يخدم، وأن نكسر هذا التواطؤ الممنهج بين رأس القائمة ومريديه الصامتين.

وبعد خروج النتائج عزيزي المرشح المتواضع حاول ان لا توهم نفسك بالتزوير من أول وهلة بل استخدم الأرقام والاسماء المدونة ورقياً لتعرف ان ما وصلت اليه محطة ستتبعها محطات حتى تتجاوز السلة ان استطعت.