فواز الطيب يكتب … الطريق الى التطبيع في اتفاقيات ” ابراهيم “


عراقيون / مقالات رأي

وفود عربية تغازل الإمارات لحجز موقع قدم عن طريقها في اتفاقية ” ابراهيم ” وبحث آليات وضوابط هذا الإتفاق ، والصدمة أن الولوج فيها صعب جداً ولا يقبل فيها إلا المنظومات السلطوية ذات النفوذ الحكومي المستدام ، فبعد توقيع إسرائيل على اتفاقيات إبراهيم مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، (التطبيع الجديد) تغيرت معادلات دعم السلطات من المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية .

الاتفاقيات الإبراهيمية” Abraham Accords”‏ مجموعة من اتفاقيات السلام التي عُقِدت بين إسرائيل ودول عربية برعاية الولايات المتحدة ، استخدم الاسم أوّل مرة في بيان مشترك لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة، صدر في 13 أغسطس 2020، واستخدم لاحقًا للإشارة بشكل جماعي إلى اتفاقيات السلام الموقعة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وبين إسرائيل والبحرين. كانت هذه هي المرة الأولى التي توقع فيها دولة عربية اتفاقية للسلام مع إسرائيل منذ أن وقع الأردن اتفاقية للسلام مع إسرائيل عرفت باسم معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في عام 1994.

ونُسِبت الاتفاقيات إلى إبراهيم، المُلقب بأبي الأنبياء، على اعتبار انتساب اليهود اليه من ولده النبي إسحاق بينما ينتسب إليه العرب وعلى رأسهم الرسول محمد من ولده النبي إسماعيل، وتنتسب إليه الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلام، إذ تُسمى بالديانات الإبراهيمية.
وحظيت بعض الدول العربية بعلاقات مباشرة مع اسرائيل ، سبقتها عمان وقطر في عقد تبادلات تجارية مباشرة مع إسرائيل منذ عام 1996، بإقامة مكاتب تمثيل تجاري في عاصمتيهما ، وتمكّن هذه الإتفاقيات إسرائيل لأول مرة من التواجد المباشر في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي وصولاً إلى إيران .

وتنظر إسرائيل والعديد من دول مجلس التعاون الخليجي،إلى النفوذ الإيراني المتزايد باعتباره التهديد الأخطر، وأوجد ذلك أرضًا خصبة للتقارب بين إسرائيل وتلك الدول، أما طهران فقد استفادت من الإخفاقات الأمريكية في تحقيق الاستقرار بالعراق، وفي جعل مجلس التعاون الخليجي هيئة إقليمية متعددة الأطراف قادرة على ضمان أمنها في المنطقة من ناحية ، ومن ناحية أخرى انتهزت فرصة الاضطرابات التي حلّت بالمنطقة من جرّاء “الربيع العربي”، لترسيخ وجودها في سوريا والعراق، وبشكل أقل مباشرةً في اليمن.

قرار الإمارات بالتطبيع مع إسرائيل كان من جانب رجلها محمد بن زايد ، وهو يجسّد رغبته في إقامة تعاون أمني مع إسرائيل في مجال الأمن المعلوماتي، وممارسة تأثير دبلوماسي أكثر فعالية على البيت الأبيض ، وتمثّلت الدبلوماسية الإماراتية في تمويل شركات اتصالات وعلاقات عامة أمريكية وثيقة الصلة بإسرائيل وبالدائرة المقرّبة من الرئيس ترامب ، وقد ساعدت العلاقة القوية بين السفير الإماراتي وصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر، في إقناع الرئيس الأمريكي بتبنّي السرديّة الإماراتية ، حيث وضع هذا الأخير جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية في نيسان/أبريل 2017 ، وهو هدف سعى اليه محمد بن زايد بقوة واصرار .

وتمثّل اتفاقيات إبراهيم بلا شك دينامية جديدة في الجغرافيا السياسية الإقليمية، ليس لدفع عملية السلام ، إذ تم إغفال القضية الفلسطينية إلى حدٍّ كبير، ولكن لأنها تسمح لإسرائيل بالتواجد في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي .

و ترى واشنطن في هذا المحور الجيوسياسي الإسرائيلي الخليجي الجديد وسيلةً فعّالة لتحييد النفوذ الإقليمي الإيراني، وتتطلّع إلى الاستعانة به للعمل على إبطاء تقدّم الصين في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية التطبيع العربية الإسرائيلية هذه تتلاءم مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء، على الرغم من أنه إذا تم تأكيد انتصار بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية ، فإن فترة شهر العسل مع إسرائيل التي ميزت العلاقات في ظل ولاية ترامب قد تنتهي.

على أي حال ، فإن دول الخليج تستعد بالفعل لفصل جديد في القضايا الإقليمية التي ستفتح مفاوضات جديدة حول مصير بعض الدول في المنطقة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *