محمد السعدون يكتب:مواقع التواصل الاجتماعي وأثرها على الأسرة والمجتمع


“كانت البيوت صغيرة والعوائل كبيرة
كانت بيوت الناس من طين ولكن كانت قلوبهم من ذهب،
كانت الناس تجتمع على قلب واحد والآن يُفرِق الناس الطمع والجشع “


قبل ظهور وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، مثل:( فيسبوك ، تويتر ، انستغرام ، يوتيوب ..) وغيرها،
كانت الاسرة التي هي عماد المجتمع تعيش في حالة واحدة حيث كانت الاسرة تجتمع في غرفة واحدة بعد إنتهاء أعمال ابنائها في أمسيات جميلة يتخللها مناقسة وضع الأسرة وزيارات الاقارب وتقديم التهنئة او التعازي في مناسبات الافراح والاتراح.
وكان اغلب الرجال يتسامرون في الليل في بيت احد الاصدقاء أو بيت عميد العائلة يتبادلون في جلساتهم المسائية المناقشات حول أفراد أسرهم أو أعمالهم ويتخلل جلسات السمر تلك حكايات القصص أو النوادر القديمة أو تاريخ الأسرة او العشيرة، وكانت هناك أيضاً جلسات شخصية بين أدباء الاسرة والعشيرة مما ينمي قابليات أولئك المثقفون ويستفاد مِن تلك الجلسات الحوارية كافة من يحضرها من ابناء الاسرة أو العشيرة . كان الناس قبل ظهور مواقع التواصل يتبادلون الزيارات وهُناك صلة رحم قوية بين الأقارب
وكانت البيوت صغيرة والعوائل كبيرة يجمعها الألفة والمحبة بين الجميع،
اما الآن فإن البيوت كبيرة ولكن العوائل صغيرة فلم بعد هُناك بيت يجمع جميع العائلة الكبيرة التي تتكون من مجموعة من الاخوة المتزوجون ونرى في البيت الواحد الجد والجدة وابنائهم وزوجات ابنائهم و أحفادهم وتجمع العائلة أواصر المحبة والرابطة القوية بين كافة الاخوة المتزوجون في بيت واحد ويأكلون من قدرٍ واحد ويجمع اولاد وبنات العم الذين يعيشون تحت سقف البيت الكبير وتربطهم صلة الدم والرحمة بين الجميع و تراهم كالجسد الواحد لا يفرقهم شيء .
وينعكس كُل ذلك الترابط الأسري على علاقات الاسرة بالمجتمع بإعتبار أنّ الاسرة هي لبّنة المجتمع الاساسية حيث كان المجتمع يسودهُ الاخلاق والمروءة والتعاون بين الجميع .
اما الآن وبعد تقدم العلم وتطوره وانتشار الانترنت وظهور مواقع التواصل الاجتماعي اصبح تفكك الأسرة واضحاً فبالرغم من ان اسم تلك المواقع هو( مواقع التواصل الاجتماعي) إلاّ إننا لانرى أي تواصل حقيقي بين ابناء الأسرة أولاً وبين افراد المجتمع ثانياً،
فنرى انتهاء إجتماع الاسرة كما كان سابقاً وحتى وان أجتمع أفرادها أو العائلة الكبيرة في بيت واحد في اي مُناسبة سواء كانت مُناسبة فرح أو حُزن نرى ان جميع الحضور خافضي رؤوسهم أمام شاشات اجهزتهم غارقين في تلك المواقع متواصلين معها أشدّ التواصل في ذلك العالم الإفتراضي ومنقطعين حتى مع اقرب الناس اليهم سواء كان اب او ام أو اخ او صديق مما أثر ذلك سلباً على علاقات المجتمع الذي اصابه التفكك.
ومن جهة أخرى نرى أن تلك المواقع هي سلاح ذو حدين فرغم اهميتها في انتشار الاخبار اثناء حدوثها مُباشرة وسهولة الحصول على تلك الأخبار ومعرفة الاحداث في لحظتها اضافة الى سرعة الحصول على اي معلومة يحتاجها الانسان وخاصة اثناء دراسته وبحثه العلمي وكذلك أهمية ما تقدمه وسائل الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي في معرفة ثقافات الآخرين من خلال ما يتم نشره على صفحاتهم الشخصية أو ثقافات الشعوب الاخرى من خلال البحث عن ثقافات تلك الدول والشعوب وما ينتشر عنها في تلك المواقع.
ومع انتشار تلك المواقع انتشرت أيضاً الصُحف والمجلات الالكترونية التي أصبح روادها و متابعيها اكثر من قُراء الصحف الورقية بسبب انشغال الأفراد في عملهم و لضيق الوقت الذي لايسمح لهم بقراءة تلك الصُحف أو المجلات الورقية او حتى الكتب والروايات التي اصبحت تُقرأ على اجهزة الموبايل او الاجهزة اللوحية الذي لا يتعدى حجمه كفّ اليد وبإمكانك بواسطته ان تضع العالم بين يديك في كل شيء
والذي اصبح بفضله العالم كقرية صغيرة.
ورغم كل تلك الفوائد التي لا تُحصى لمواقع التواصل الاجتماعي الاّ اننا نرى ان هُناك حداً آخر لذلك السيف ذي الحدّين فإن اسُتخدِمت تلك المواقع استخداماً خاطئاً اصبحت عبئاً على مستخدميها بسبب جهلهم أو قلة ثقافتهم في استخدامها فظهرت وسائل الأبتزاز على تلك المواقع وكانت سبباً في هدم الاسرة وزيادة حالات الطلاق التي زادت نسبتها بشكل يثير للاهتمام من قبل المختصين بسبب جهل الازواج والزوجات في استخدام تلك المواقع فأصبح التعليق على منشور ، الأعجاب بشيء مُعين في تلك المواقع أو مشاركة منشور على صفحة الشخص حتى وان كان خطأ” كل تلك الاعمال كانت سبباً في تطليق الزوج لزوجته أو طلب الزوجة الطلاق من زوجها مما ساهم هذا الفعل في تفكيك الأسرة وينعكس ذلك في النهاية على هدم المجتمع الذي انتشرت فيهِ عادات وتقاليد واخلاق لم تكن موجوده قبل ظهور مواقع التواصل الإجتماعي فلا بد من الاسره أولاً متمثلة بالوالدين مراقبة أفراد عوائلهم من الأبناء والبنات وإرشادهم على الطرق الصحيحة في استخدام تلك المواقع التي من الممكن ان تسبب لهم مشاكل كبيرة في حال اساءة استخدامها .
وعند نجاح الاسرة في تعليم ابنائها على مبادئ الاخلاق و الاستخدام الحسن لتلك المواقع سوف ينعكس ذلك على المجتمع بأسره وتعود الأسرة الى ما كانت عليه غير ملوثة بالسلبيات التي تنشر على تلك المواقع ولا يتأثر بها اي شخص .
نسأل الله العظيم ان يصلح شأن جميع الناس بما يحقق مصالح البلاد و العباد و ان يجمع جميع الافراد ولا يفرقهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *