سعد سعيد الديوه جي يكتب|جوانب من قصة يوسف (ع) بين القرآن الكريم والعهد القديم

عراقيون | مقالات رأي
يعرف القاصي والداني قصة يوسف (ع) مع أخوته وإستقراره في مصر وتبوئه لمركز متميز عند السلطة الحاكمة في مصر آنذاك، ويعتقد الكثيرون أن الحكام كانوا من الفراعنة، وهو خطأ تاريخي كبير، أكدته روايات العهد القديم.

ففي الفترة بين عامي (1785-1580ق.م)، وقعت مصر تحت حكم الهكسوس، وهم على الأغلب قبائل ذوو أصول آسيوية تمتهن الرعي والتجارة، وعانى المصريون منهم كثيراً، ربما بسبب الاختلافات الدينية والأصول الأثنية وكونهم غرباء احتلوا أرض مصر.

فعندما استقر يوسف (ع) وآل يعقوب في مصر عام (1720ق.م)، كانت تحكم الهكسوس، ولذلك لم ترد مطلقاً كلمة “فرعون” في سورة يوسف (ع) على عكس ما ورد في العهد القديم حيث تُرجع الأحداث التي صاحبت قصة يوسف الى فرعون والفراعنة.

ففي القرآن الكريم ترد كلمة “العزيز” حيث جاء (( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (30) يوسف))، وبدون الإشارة الى كون العزيز من الفراعنة، وفي موضع آخر أكثر وضوحاً، جاء في القرآن (( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)يوسف)).

علماً أن الهكسوس لم يأخذوا لقب “فرعون” وإستعاضوا عنه بلقب “ملك” كما تقول كل المصادر.

وماذا يقول العهد القديم، إنه يؤكد أن جميع ملابسات رواية يوسف (ع) كانت مع فرعون والفراعنة، وهذه بعض الأمثلة من أمثلة كثيرة جداً، والتي تجعل روايات العهد القديم ذات مصداقية ضعيفة جداً.

ومنها “وأخذ يوسف خمسة رجال من إخوته وأحضرهم أمام فرعون، فقال فرعون لإخوة يوسف، ما حِرفتكم؟، فقالوا لفرعون نحن يا سيدي رعاة غنم نحن وآباؤنا جميعاً، 2-3، التكوين”!.

وعندما يمتثل يعقوب أمام فرعون ويشكو له معاناته في حياته ومع ذلك “بارك يعقوب فرعون وخرج من بين يديه، 10، 47، التكوين”، فهل يستحق فرعون الكافر بركة النبي يعقوب؟، أم أن السبب لكونه إحتواهم في مصر وأعطاهم من خيراتها؟.

وجاء كذلك “فأشترى يوسف جميع أراضي المصريين لفرعون، لأن كل واحد منهم باع حقله من شدة الجوع، فصارت الأراضي لفرعون والشعب عبيداً له، 20-21، 47، التكوين”.

وجاء كذلك “وقال يوسف للشعب: أنا أشتريتكم اليوم أنتم وأراضيكم لفرعون، فخذوا لكم بذاراً تزرعونه في الأرض، 23، 47، التكوين”.

وهكذا صار يوسف عوناً لفرعون على اهل مصر، فيا ترى ما هي مصداقية هذه الروايات بتفاصيلها المملة؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *