شهاب الصفار يكتب| الموصل من حال الى حال

عراقيون| مقالات رأي                                              
مضى تسعة أعوام على إسقاط مدينة الموصل مركز محافظة نينوى العراقية وما زالت تعاني هذه المدينة من اجحاف مفرط في العديد من الأصعدة منها الاقتصادية والخدمية والصحية وحتى السياسية, فبعد حرب ضروس خاضتها القوات المتقاتلة على الأرض خرجنا منهكين بتركة ثقيلة عمرانيا وانسانياً, فلا يخلو منزل من ضحايا فهذا الاقتتال لم يترك ثقب حائط مائل عفى عنه الزمن إلا ودخله.

وعلى الرغم من مرور أكثر من ستة سنوات على تحريرها من سيطرة تنظيم الدولة, إلا اننا ما زلنا نشاهد آثار الدمار تكتسح العديد من أحياء الجانب الأيمن من المدينة, فيمكن للناظر معاينة المباني السكنية و العمارات بشقيها السكني والتجاري مهدمة كأنقاض وكأن هنالك من تعمد تركها أمام عوامل تعرية الزمن.

على الصعيد الطبي تعرضت مستشفيات مدينة الموصل الى تخريب ضخم بعد عمليات القصف المفرط نتيجة استخدامها من قبل تنظيم الدولة كثكنات عسكرية ابان عمليات التحرير عام 2017 وعلى الرغم من امتلاك المدينة لأكثر من 14 مستشفى إلا أن المعارك الدائرة آنذاك قضت على 12 منها وأمست اليوم مجرد هياكل وأنقاض بدون أي عناية أو محاولات ملموسة لإعادة اعمارها, كما تعرض 76 مركزًا صحيًّا للقصف من أصل 98 في عموم المحافظة ، هذه المدينة التي كانت مشهورة على مستوى العراق بمستشفياتها العملاقة، و معروفة بأطبائها المهنيين والمحترفين والمختصين, حيث كانت تضم أهم المستشفيات الحكومية بسعة 4600 سرير قبل يونيو/ حزيران 2014. لكن عدد الأسرَّة انخفض بعد الحرب عام 2017 إلى 1700 سرير مخصصة لـ3.7 مليون إنسان في عموم محافظة نينوى, مما ادى الى انخفاض ملموس في الكفاءة والتنظيم على المستوى الطبي داخل المدينة .

اما على الصعيد الاقتصادي تعاني اسواق المدينة من ركود اقتصادي ملموس خاصة بعد تذبذب أسعار صرف الدولار الامريكي مقابل الدينار العراقي وبدون أي شركات صرافة يسمح لها التعامل بالدولار مما خلق اثراً سلبياً على المستوى الشخصي للمواطن الموصلي الذي خرج مؤخراً منهك القوى بعد معايشته لمعارك التحرير اولاً وبقائه تحت حكم تنظيم الدولة الاسلامية ثانياً ادت الى ضعف القدرة الشرائية للأهالي وضياع العديد من الفرص الاستثمارية داخل المدينة.

والمجتمع يعاني من بوادر التفكك وهو ما يسعنا التحدث عنه على الصعيد المجتمعي خاصة بعد ارتفاع معدلات الطلاق داخل نينوى عامة والموصل خاصة وتدهور حالة العوائل الموصلية بعد الاحداث الاخيرة فلا يمكن ان يمر شهر اشهر السنة إلا وتنزل محاكم المدينة لرغبة الاهالي بأصدار أوراق الطلاق لتكون تلك الوثيقة خلاصاً لبعض العوائل وضياعاً لأخرى.

كما أن عمليات اعادة إعمار المدينة يتطلب عدة مليارات من الدولارات، وأن عمليات الإعمار قد تطول إلى نحو عشر سنوات. وما زالت المناطق القديمة في الجانب الأيمن من الموصل تحتوي على نحو أطنان من الأنقاض، وأكثر من 300 ألف طن من مخلفات الحرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *