عامر القيسي يكتب|انتظروا تشرين

عراقيون | مقالات رأي

يبدو ان العملية السياسية في البلاد قد استنفذت كل عناصر ومقومات الحياة ، وهي في الطريق الى اعلان موتها السريري الحاصل حاليا وواقعياً .

حتى زعيم تحالف ” انقاذ وطن ” السيد مقتدى الصدر ، رغم طرحه اكثر من خيار للتقدم خطوة واحدة فشل في خيار تحقيق نصاب الثلثين لتشكيل الحكومة ، كما سيفشل الخيار الثاني بالقاء المهمة على تحالف الاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة ، وسيواجه الاطار العقدة نفسها ، ان حاول ذلك ، فخيار الثلثين مستعصي على الاطار والانقاذ معاً !


انا اختلف مع السيد الصدر فكريا وفي الكثير من الممارسات والمواقف السياسية ، لكّن الرجل كان اكثر الواضحين في طرح مشروعه والحلول التابعة للمشروع امام ما يسمى بالانسداد السياسي واسميه انا بالموت السريري الواضح بانتظار الاعلان الرسمي عن موته السياسي حين تنتهي مدة الاربعين يوماً ليجد الجميع انفسهم امام استحالة تشكيل حكومة جديدة بالمعطيات الحالية والحلول المطروحة ، اقول اختلف معه لكّني أذهب الى ان الرجل رفض بوضوح التحالف مع الاطار كاملاً مكملاً وقدم خيارين ، اما تشكيله للحكومة او الذهاب الى المعارضة وترك الخيارين للاطار ايضا وكلا الخيارين تحت الملاحظة السريرية أيضاً في رمقها الاخير!


والسؤال عن طروحات وحلول الاطار التنسيقي والتي تصب على تنوعاتها الشكلية على موقف واحد وخيار غير متبدل وهو ، تشكيل حكومة توافقية بزعامة رئيس وزراء ينبثق من الكتلة الاكبر التي يرونها لاتتحقق الا منهم ومن التيار الصدري ، مبررين ذلك بحرصهم على حقوق المكون الشيعي ، التي لايرى السيد الصدر، وهو الزعيم الشيعي الاكثر تأتيرا ونفوذا في الاوساط الشعبية الشيعية، اية مخاطر على المكون الشيعي .

الاطاريون لايريدون حكومة تصريف اعمال ولا يريدون تشكيل حكومة بمفردهم ولا يريدون من تحالف انقاذ وطن بزعامة الصدر ان يشكل الحكومة واعاقوا ذلك فعلياً في مجلس النواب ولا يريدون ان يذهبوا الى المعارضة ولا يقبلون ان يذهب الصدر الى المعارضة ولايرفضون او يقبلون مرشح التيار لرئاسة الوزراء !
كل حلولهم ومبادراتهم المتطابقة الجوهر تنصب على قضية واحدة هي حكومة توافق ، ما يعني العودة الى نقطة الصفر او مادونها !
ما الحل اذاً ؟
بعيداً عن الرومانسية السياسية واحلام الثورات المجهضة ، فان العجز التام عن الخروج من هذا المأزق الحقيقي ، سيحيل الكرة الى الشارع ، الشارع الذي انتج ثورة تشرين التي تم التكالب عليها واجهاضها عنفاً واندساساً وشراءً وتسقيطاً .
كانت ثورة تشرين التمرين المطلوب لاجتياح شعبي قادم ، بدت بوادره بالاحتجاجات الموضعية المطلبية والسياسية معا ، ما يشكل تراكما في الفوران الشعبي ، الفوران الذي سيحتاج الى الشرارة التي تحرق سهلاً ، وهو مشهد على ما يبدو خارج التصورات العقلية لطبقة سياسية منشغلة بتقاسم السلطة وتوزيع الكعكة بل وحتى تفسيم البلاد .
المشهد الذي سيفرز تأريخياً لحظة لاتستطيع الجماهير فيها ان تعيش بنفس الطريقة الحالية ويعجز التعفن السياسي وحاملته الطبقة السياسية الرثة أن يجد الحلول التي تؤمّن مصالح الجماهير، هي لحظة الصدام التي تنتج مشهداً سياسياً مغايراً وصورة مختلفة وحلولا لمأزق نعيش في ظلامه ودهاليزه منذ عقدين من الزمن !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *