صباح الأطرش يكتب: الشعب يريد الحياة

منذ أكثر من ستة عشر عاما، وأصوات العراقيين بحت وهي تطالب الحكومات المتعاقبة، بحقوقهم المشروعة، وعبر مختلف وسائل التعبير، في الصحافة، الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي والتظاهرات والاعتصامات والأنشطة الفنية والثقافية الشبابية المختلفة، إلا أن تلك الحكومات لم تقدم لهم سوى الوعود التي لم تنفذ منها شيئا.

وهم أثناء ذلك وطول تلك المدة ومازالوا، يعيشون أوضاعا مأساوية، في ظل البطالة والعوز والحرمان والحاجة إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية، في الوقت الذي يجدون فيه أهالي المسؤولين والسياسيين وأقاربهم ومعارفهم يعيشون حياة مرفهة ومتخمة بالثراء الفاحش لا لجهود استثنائية أو مميزة يبذلونها، وانما فقط لكونهم يمثلون مواقفا رسمية أو حزبية في الدولة العراقية، وكأن البلد وأمواله وثرواته، من حقهم هم لوحدهم دون سواهم من العراقيين.
كل ذلك وغيره أدى إلى تأجيج غضب العراقيين كافة ولاسيما الشباب منهم، فخرجوا في الأول من تشرين الأول الجاري، ليعبروا عن سخطهم ورفضهم لما آلت إليه أوضاعهم وأوضاع العراق، وعبر تظاهرات حاشدة ملأت شوارع المدن العراقية، في العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، مطالبين بتعيين العاطلين عن العمل، وتوفير الخدمات الضرورية من مأكل ومشرب ومسكن ورعاية صحية وغيرها.

وقد أفقدت هذه التظاهرات، صواب الحكومة ومن يعاضدها من أحزاب وحركات سياسية وتشكيلات أخرى، فسارعوا إلى استقبال المتظاهرين بالرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع، مما أدى إلى استشهاد أكثر من مئة مواطن وجرح الآلاف منهم، بل أن بعض السياسيين والمسؤولين في أجهزة الدولة، نعت التظاهرات بالمؤامرة لقلب الحكم!

إلا أن أسلوب قمع المتظاهرين فشل في إيقاف التظاهرة، فلم تجد الحكومة وسيلة أخرى للخروج من الأزمة، سوى الرضوخ لمطالب المتظاهرين وتقديم الوعود لإقرارها وتنفيذها.

لقد أثبت ابناء العراق بأنهم أناس يحبون الحياة الحرة الكريمة، وأنهم إذا اتفقوا ووحدوا جهودهم من أجل فرض إرادتهم على الحكومة لأي مطلب أو غاية لها علاقة بمصلحة البلد وبحياتهم، يستطيعون فرضها على الحكومة وتحقيقها والوصول إليها، وهذه السمة أصيلة من سمات الشعوب الحية التي لا تقبل الترويض والتهجين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *