العراق وايران يشكلان لجنة لحل الخلافات على الحقول النفطية المشتركة / بقلم سارة القاهر

 

 

وقّعت وزارة النفط العراقيّة في 20 شباط/فبراير من عام 2017 مذكّرة تفاهم مع وزارة النفط الإيرانيّة، لحلّ الخلاف على حقول النفط المشتركة ودراسة بناء خطّ أنابيب لتصدير النفط الخامّ من حقول كركوك – شمال العراق عبر إيران، ودراسة نقل الخام العراقيّ إلى مصفاة عبادان الإيرانيّة.

 

 

وبحسب بيان وزارة النفط العراقيّة، فإنّ وزير النفط العراقيّ جبّار لعيبي اتّفق مع نظيره الإيرانيّ بيجن زنغنه، خلال زيارة الأخير للعراق، على تنسيق المواقف في منظّمة “أوبك”، لتحقيق التوازن في الأسواق النفطيّة العالميّة، بما يدعم أسعار النفط، ودراسة بناء خطّ أنابيب لتصدير النفط الخام من حقول كركوك عبر إيران.

 

وتقع 5 حقول عراقيّة نفطيّة على الحدود مع إيران، وهي: دهلران، نفط شهر، بيدر غرب، أبان، والنور، فيما تتشارك بغداد وطهران في حقول مجنون، أبو غرب، بزركان، الفكّة، ونفط خانة، وتحوي تلك الحقول خزيناً هائلاً من النفط الخام الخفيف القريب من سطح الأرض واحتياطيّاً يصل إلى أكثر من 95 مليار برميل، وهو أكبر احتياطيّ للموادّ الهيدروكربونيّة في الشرق الأوسط.

 

وباشرت شركات إيرانيّة في 2 شباط/فبراير من عام 2017 بحفر 20 بئراً جديدة في حقل “أزادغان” الجنوبيّ، وهو يعتبر أكبر الحقول النفطيّة المشتركة بين العراق وإيران.

 

وفي هذا السياق، أشار عضو لجنة النفط والطاقة النيابيّة أحمد مدلول لـ”المونتيور” إلى أنّ غالبيّة آبار النفط المختلف عليها هي عراقيّة، بحسب الخرائط التي سبقت الحرب العراقيّة – الإيرانيّة، لكنّ إيران ترى عكس ذلك. ولذا، فإنّ هذه الإتفاقيّة ستكون حاسمة لحلّ الخلاف، وقال: في حال لم يتمّ تشكيل لجنة مشتركة، ستكون الحقول النفطيّة محور نزاع وخلاف كبير في المستقبل بين البلدين.

 

وطالب بأن تقوم اللّجنة بتحديد عائديّة الأرض أوّلاً كي تتمكّن من تحديد صاحب الحقّ وإلى من تعود ملكيّة آبار النفط الواقعة بين الحدود المشتركة.

 

ويتبادل البلدان الاتهامات بين الحين والآخر حول التجاوزات على حقول النفط المشتركة، ممّا دعا إلى تشكيل لجنة لحلّ تلك الخلافات.

 

وكان المركز العالميّ للدراسات التنمويّة، ومقرّه لندن، قد أشار في تقرير عام 2012، إلى أنّ حجم خسائر العراق من تجاوزات إيران على الحقول النفطيّة المشتركة بلغ 17 مليار دولار، أيّ نحو 14 في المئة من إيرادات الدولة السنويّة، لافتاً إلى أنّ حجم ما تستنزفه إيران من النفط العراقيّ بلغ في عام 2012 قرابة 130 ألف برميل يوميّاً من 4 حقول مشتركة، هي حقول: دهلران، نفط شهر، بيدر غرب، وأبان.

 

وأكّد خبراء النفط في الوزارة العراقيّة أهميّة الإتفاقيّة مع إيران، إذ قال الخبير النفطيّ حمزة الجواهري لـ”المونتيور”: لا بدّ أن تنظّم هذه الحقول بإتفاقيّة، حتّى يكون بالإمكان تطويرها. ومن دون هذه الإتفاقيّة، فلا يحقّ للبلدين التطوير.

 

وفي خصوص مدّ آبار نفط من كركوك إلى إيران، قال أحمد مدلول: إنّ كردستان لن تسمح بذلك، باعتبار أنّ أنبوب النفط سيمرّ عبر السليمانيّة في إقليم كردستان.

 

أضاف: إذا مضى الجانبان في تنفيذ هذه الفكرة، فإنّ الحكومة الإتحاديّة في بغداد ستستغني بذلك عن استخدام خطّ الأنابيب الخاضع لإقليم كردستان العراق، الذي ينقل النفط من شمال البلاد إلى ميناء جيهان في تركيا لتحميله على السفن بعد ذلك.

 

وعن مدّ أنبوب بين كركوك وإيران، قال حمزة الجواهري: لهذا الأنبوب فائدة كبيرة بالفعل لأنّنا يجب أن نزيد منافذ التصدير، ومسألة نقل نفط كركوك عبر إيران تعطينا مرونة أكثر في تصدير نفط الحقول الشماليّة في حال توقّف أنبوب جيهان التركيّ.

 

وأشار إلى أنّه في حال رفضت السليمانيّة مدّ الأنبوب، فإنّ الحكومة العراقيّة ستستخدم الوسائل السلميّة لإقناعها، ملوّحاً بإمكانيّة استخدام القوّة العسكريّة قانونيّاً ضدّ السليمانيّة إن لم تسمح بمدّ الأنبوب.

 

وللنوّاب الأكراد رأي آخر في قضيّة مدّ أنبوب النفط عبر إيران، إذ قال النائب عن التحالف الكردستانيّ طارق صديق لـ”المونتيور”: “إنّ مدّ أنبوب نفط من كركوك إلى إيران هو أمر مستحيل تماماً، وإنّ المشروع لن يتمّ تنفيذه بسبب الكلفة والوضع السياسيّ والخلافات الحزبيّة التي ستقف حائلاً في وجه ذلك المشروع، وإنّ محافظة السليمانيّة لن تسمح بذلك أبداً”.

 

وتسعى إيران إلى تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجيّة المهمّة، بما يعزّز فرص تعاونها مع العراق، حسب تصريحات بيجن زنغنه، الذي أبدى ارتياحه أيضاً لتحسّن أسعار النفط في الأسواق العالميّة، بعد قرار منظّمة البلدان المصدّرة للنفط “أوبك” خفض الإنتاج في كانون الأوّل/ديسمبر من العام الماضي.

 

وعزا الأكاديميّ في كليّة الإدارة والإقتصاد في جامعة بغداد والخبير الاستراتيجيّ عبد الرضا الحميد توقيع الإتفاقيّة مع إيران إلى عدم وضوح السياسة الإقتصاديّة عموماً، والنفطيّة خصوصاً، لدى الحكومات العراقيّة المتعاقبة، بسبب فقدان الدولة هويّتها الواضحة، وقال لـ”المونتيور”: تواجه الحكومة العراقيّة في السياسة النفطيّة تحدّيات عدّة، منها الإرادة الدوليّة والمناخ السياسيّ الداخليّ، وارتباط وجود الدولة بأنابيب النفط.

 

أضاف: من غير المعقول أن تعمد الحكومة إلى تصدير النفط عبر خطّ طويل جدّاً ومكلف من الأنابيب مع أنّ بإمكانها أن تنأى عن ذلك بإنشاء خطّ أنابيب من كركوك إلى البصرة، وهو أجدى إقتصاديّاً وأقلّ كلفة، ويبعد الإقتصاد العراقيّ عن التقلّبات السياسيّة. كما يوفّر عملاً لعشرات الآلاف من العاطلين عن العمل.

 

وفي المحصّلة، يبدو أنّ الحلول الحكوميّة السريعة، التي تلجأ إليها الحكومة العراقيّة لتنقذ نفسها من الأزمات المتتالية، ستزيد من أزماتها، ولن تسهم في وضع الإقتصاد العراقيّ على قاعدة رصينة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *