نصار النعيمي يكتب| الانتماءات وضعف الثقافة الانتخابية تهيمن على الناخب العراقي

عراقيون| مقالات رأي                                              
الانتماءات القبلية أو العشائرية، غالبا ما تحدد البوصلة الانتخابية لغالبية الناخبين، قد يكون هذا ناتجا عن إيجابية الترابط الأسري أو الاجتماعي للتركيبة الاجتماعية في الوطن العربي، لكنه أيضاً قد يكون مؤشراً سلبياً على انتاج ممثلين قد لا يلبون طموح أغلب الشرائح الاجتماعية بالنسبة للناخب العربي عموما والعرقي خصوصا.

العد التنازلي
في العراق، بدأ العد التنازلي لقرب موعد انتخابات مجالس المحافظات، بعد قرار مجلس الوزراء العراقي في بيان له بتحديد يوم 18 من شهر كانون الأول المقبل موعداً لإجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، إذ بدأت الكتل السياسية في جميع المحافظات العراقية تنفذ خطتها من أجل الاستحواذ على أصوات ناخبيها.

لازال الناخب العراقي حائراً إلى أين تتجه البوصلة، المواطن الموصلي سبهان نايف طالب بترشيح قائمة موصلية خالصة من أجل أن يكون قرار نينوى خالصا لأهلها، إذ من غير الممكن أن يتخذ القرار الخاص بنينوى من نائب يتبع لقائمة يرأسها سياسي من محافظة أخرى.

المواطن علي حسين من غرب الموصل حدثنا قائلاً: أغلب دول العالم يقيم المرشحون مؤتمرات صحافية من أجل أن يعرضوا، أهدافهم وما يهم الناخب في بلادهم، بينما شهدت مدينة الموصل مؤتمرات انتخابية بدعم من بعض الكتل السياسية، ووعود شتى بتحسين الخدمات وايصال المياه وتحسين الكهرباء وفي الحقيقة لا شيء يتغير بعد الانتخابات خاصة في قرى غرب نينوى.

المواطن عبد الله نجم حدثنا من جنوب الموصل قائلاً: في كل انتخابات تحدث، نرى ترشح عدد كبير من الشخصيات التي تمثل قبائل وعشائر عربية وغيرها، وحتى ضمن العشيرة الواحدة يتنافس أكثر من مرشح وبعد صراع محموم يخسر الغالبية لعدم الاتفاق على ترشح عدد مناسب من المرشحين، وتذهب اصواتنا هباءً بعد تشتتها.

اليوم وبعد ردة الفعل الشعبية الضخمة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وحصول المستقلين وقوى المعارضة على أكثر من 80 مقعداً مجتمعين ومتفرقين، شجع ذلك معظم الشباب للدخول في العملية السياسية لسهولتها نظرياً، ويرى مختصون في الشأن الانتخابي أن عليهم صناعة قوى تؤثر فعلياً في العملية السياسية لا أن تنغمس في العملية كجزءٍ منها لتلبية الحاجات العامة والاعتذار عن الحاجات الأخرى.

من جهته يقول الخبير في الشأن السياسي الدكتور علي اغوان” إن مجالس المحافظات هي حلقة مهمة وليست حلقة زائدة وبالتالي هي خطوة باتجاه عملية التأسيسِ للتغيير، ووجود مرشحين من الشباب ضروريٌ جداً لعملية التغيير، بالنتيجة ربما يكون هناك وعي ورغبات جديدة للجماهير تمثل من خلال شخصيات جديدة ونتوقع نجاح مجالس المحافظات في حال اختار الناخبين لمرشحين كفوئين، وهي عملية مقرونة بوعي الناس والمجتمع وبمدى المشاركة بالانتخابات.

حدثنا أستاذ علم الاجتماع الدكتور خالد محمود قائلاً: مازال المجتمع العراقي يعيش في اطار التعصبات اتجاه المكونات التي ينتمي لها وتحت وصاية القبيلة والعشيرة، وبذلك يكون التعصب الشعوري واللاشعوري هو من سيحدد اتجاه اغلب الناخبين لاختيار مرشحيهم، فضلاً عن ان الأحزاب السياسية الحاكمة لم تستطع الى اليوم طرح ايدلوجية سياسية شاملة تستوعب كل المكونات والاطياف من الشعب العراقي، لذا تتكرر في كل موسم انتخابي قبل الانتخابات بفترة طويلة، الناخب يدعي أنه سيختار المرشح الكفوء والنزيه والأفضل لتغيير الواقع السياسي والخدمي وعندما تحين الساعات الأخيرة وتحت تأثير الحملات الإعلامية والموروث من العادات الاجتماعية سواء أكانت صحيحة ام خاطئة فيحدث تغيير في اتجاهات وميول الناخبين لاختيار الأقرب بالدم او الانتماء وغيرها ولا يولد من يمثل الشعب بصورة صحيحة.

مما سبق يظهر أن الرؤية ما زالت غامضة، ومازالت الظواهر العشائرية والقبلية والحزبية مهيمنة على المشهد الانتخابي، هذا عدا الأحزاب والكتل السياسية المتنفذة في المناطق التي تحكمها القبلية والعشائرية والعرقية والدينية والطائفية والقومية، ناهيك أن الساعات التي تسبق إجراء عملية الاقتراع تشهد تشويشاً على أفكار الناخبين، فهناك من تحركه القبلية والعشائرية والقومية لاختيار مرشحه بعض النظر عن امكانياته وقدرته على خدمة المجتمع، وهناك من تؤثر عليه اراء الأقارب والأصدقاء أو العائلة في انتخاب مرشح معين، بسبب ضعف الثقافة الانتخابية والاطلاع على سيرة المرشحين لاختيار الشخصية التي من الممكن ان تلبي طموح الجماهير.

كل ما ذكرناه يصعب تحقيقه من قبل مرشح يفوز بمقعد عن كتلة سياسية وحزب معين ما لم يكن قد وقع على خطة يسير عليها تضع أهداف الحزب أو الكتلة السياسية قبل مصلحة الشعب.