يحدث في العراق الآن.. سليماني ومسجدي يحكمان هارون محمد  

 

الهلال الشيعي الإيراني في شقه العراقي، نفذ بدقة ودون اعتراض أي جهة أو دولة، ولا يستبعد أن يصبح مسجدي المسؤول الأعلى عنه بعد استكمال إجراءاته في سوريا، لأن رئيسه سليماني سيتفرغ للمشروع الأكبر؛ ‘المحيط الشيعي’.

 

يبدو أن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي يعد الحاكم السياسي والعسكري العام في العراق بلا منازع، تنتظره مهام كبيرة وكثيرة خلال عام 2017 الحالي، على مستوى المنطقة العربية والعراق جزء منها، لذلك اضطر إلى استقدام كبير مستشاريه إيرج مسجدي إلى العاصمة العراقية بصفة “سفير” في خطوة مدروسة لتحويل السفارة الإيرانية في بغداد وفروعها في البصرة والنجف وكربلاء وأربيل والسليمانية، إلى غرف عمليات خاصة، تتولى تنفيذ السياسات المرحلية والاستراتيجية والأجندة الإيرانية المستقبلية، في العراق والمنطقة برمتها، لأن طهران في الحقيقة، لا تحتاج إلى سفارات وسفراء وقناصل وملحقين في العراق، لأن الكثير من قياديي وكوادر الأحزاب والميليشيات الشيعية، إيرانيون أبا عن جد، ويعملون كمخبرين وجواسيس لها، يخدمون مصالحها، أفضل بكثير من منتسبي وأعضاء بعثاتها الدبلوماسية والاستخبارية الإيرانيين.

 

تعيين مسجدي الذي يشغل منصب المستشار الأعلى لقائد فيلق قدس الجنرال قاسم سليماني، ومفردة “الأعلى” لها وقع خاص في العقيدة الشيعية، وتستخدم للمبالغة والتعظيم لمن يوصف بها، بعنوان “سفير” في بغداد، وهو الذي خدم في الحرس الثوري أكثر من 35 سنة، ويتمتع بنظرة عميقة حيال الأوضاع السياسية والأمنية والطائفية في العراق، كما نشرت التقارير الرسمية الإيرانية في تعريف سيرته الشخصية والوظيفية، وبسبب هذه “النظرة العميقة” اختاره الجنرال سليماني مستشارا أعلى له قبل سنوات، لم يأت صدفة أو اعتباطا، وإنما لأنه جزء أو طرف في المشروع الإيراني الذي ينفذه سليماني في العراق وسوريا ولبنان حاليا، ومقدماته “الهلال الشيعي” الذي لم يعد هدفا باطنيا أو سرا مخفيا.

 

وقبل أيام اعترف خطيب حسينية براثا جلال الدين الصغير وهو صوت إيراني صارخ، بأن “الهلال الشيعي سيتحول في المستقبل القريب إلى ‘المحيط الشيعي’ بعد أن أصبح للشيعة حضور قوي في البحرين الأحمر والمتوسط، إضافة إلى ‘الخليج ‘الفارسي’ ويحكمون في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة، وينشطون داخل المنطقة الشرقية السعودية والبحرين والكويت، ويتكاثرون في مصر والسودان والمغرب وأفريقيا”.

 

وعندما كتبنا وحذرنا أكثر من مرة وفي هذا المكان بالذات من صحيفة “العرب” من تحركات الجنرال سليماني وخصوصا في المحافظات السنية العربية التي تستقطب اهتمامه ليس حبا بها ولا احتراما لأهلها، فإننا انطلقنا من وقائع وحقائق على الأرض تعزز ما نقول. فعلى صعيد محافظة ديالى، فإن السلطات الإيرانية حولت معسكر أشرف لمجاهدي خلق بعد إخلائه، إلى قاعدة إيرانية مئة بالمئة، وقد عمد الجنرال سليماني الذي أشرف على هيكلتها، إلى نشر لواء من الحرس الثوري فيها، بعد أن صادر مساحات زراعية شاسعة في محيطها بعمق 7 كيلومترات وهجر سكانها الفلاحين الفقراء، ووسع المهبط القديم لطائرات الهليوكبتر، وطوره إلى مدرج يستقبل منذ عامين طائرات نقل عسكرية وقتالية بمعزل عن الحكومة العراقية.

 

أما قضاء جرف الصخر شمال محافظة بابل، فإن القوة المسلحة التي تحتل القضاء بعد طرد داعش منه، إيرانية بالكامل، اعترف رئيس الحكـومة والقـائد العـام للقوات المسلحة حيدر العبادي، بأنه سأل عن هويتها وارتباطاتها من هيئة الحشد الشعبي، دون أن يحظى بجواب واضح عنها، بل إن ضباط هذه القوة احتجزوا وزير الداخلية السابق محمد سالم الغبان ومرافقيه في العام الماضي، عندما حاول زيارة القضاء ضمن جولة تفقدية للمحافظة، ولم يطلقوا سراحه رغم أنه قيادي في ميليشيات بدر الشيعية، إلا بعد مرور ثلاث ساعات على احتجازه وببرقية من طهران، وقبل ستة شهور قال محافظ بابل صادق السلطاني لوفد من نازحي المدينة منعوا من العودة إلى ديارهم، إن منطقة جرف الصخر ليست من مسؤولياته ولا تدخل ضمن سلطاته وموضوعها معقد.

 

وفي ما يخص محافظة صلاح الدين فإن قرية المزرعة في أطراف تكريت باتت أيضا قاعدة إيرانية لا يعرف عنها أي شيء، باستثناء لافتات بالعربية على مسافات بعيدة عنها تحمل عبارة “ممنوع الاقتراب والتصوير”، في حين أصبح قضاء بيجي تحت السيطرة الإيرانية تماما، ومحظور على المحافظ ونواب المحافظة الوصول إليه، وسبق لفنيين إيرانيين أن فككوا معدات وأجهزة مصفاة وهو أكبر مصافي النفط والغاز في الشرق الأوسط، ونقلوها بشاحنات تحمل أرقاما إيرانية وتحت حراسة ميليشيات بدر والعصائب وكتائب حزب الله إلى قصر شيرين، مرورا بسامراء والعظيم والمقدادية وخانقين والمنذرية علنا.

 

وقبل أسبوعين منعت قوة من كتائب حزب الله / النجباء، وهي إيرانية التأسيس والتجهيز والتسليح وحتى التقليد المذهبي، مفرزة أميركية انطلقت من قاعدة سبايكر لاستطلاع منطقة الفتحة في جبال حمرين، بعد أن رصدت دواعش فيها، ولم تنفع محاولات الأميركيين بالتفاهم مع “النجباء” الذين هددوا بقتل كل من يتواجد في منطقة نفوذهم.

 

واضح أن مشروع الهلال الشيعي الإيراني، قد انتهت إجراءاته الميدانية في محافظتي ديالى وصلاح الدين، ولم يبق غير ربطه بقضاء تلعفر في غربي الموصل، الذي انتشرت في جنوبه وحدات الحشد الشعبي وصولا إلى الحدود السورية.

 

أما محافظة الأنبـار فـإن المشـروع الإيراني يستهدف تقزيمها، وعزلها عن العاصمة بغداد ومحافظتي صلاح الدين والمـوصل، واقتطاع قضاء النخيب الذي ألحق عمليـا وإداريا بمحافظة كربلاء، والعمل جار للسيطرة على قضاء الرطبة المجاور للأردن، وقطع اتصال المحافظة بالحدود السعودية بعد الاستيلاء على معبر عرعر، وتحويله إلى محافظة النجف التي أعلنت رسميا في الأسبوع الماضي عن تخصيص لواءين من الحشد الشعبي لحراسته.

 

الهلال الشيعي الإيراني في شقه العراقي، نفذ بدقة ودون اعتراض أي جهة أو دولة، ولا يستبعد أن يصبح مسجدي المسؤول الأعلى عنه بعد إعلانه، يدير شؤونه من مقره في بغداد، بعد استكمال إجراءاته في سوريا ولبنان وهي جاهزة تقريبا، لأن رئيسه سليماني سيتفرغ حتما للمشروع الأكبر؛ “المحيط الشيعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *