سرمد كوكب الجميل يكتب| اقتصاد الاسكان في المدن .. عشوائيات ما لها من نفاذ

عراقيون | مقالات رأي

وانت تتجول اليوم بعيدا عن مركز المدينة وضمن دائرة قد يصل نصف قطرها لاكثر من عشرة كيلومترات او يزيد يمكنك وصفها بالعشوائيات بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، وهنا تقف امام جانبين اثنين: الاول ما يحمله علم اقتصاد الاسكان بكل مقوماته وابعاده وحيثياته، والثاني ما بلغته المدينة من توسع عشوائي لا يمكن اصلاحه ومعالجته لا في المستقبل القريب ولا البعيد ولا البعيد جدا لا بل بات امرا واقعا لا محال ماله من نفاذ!!

ومشكلتنا هذه في البعدين سابقي الذكر اننا ومنذ ستة عقود من الزمن ندرس وندرّس، ونكتب ونؤلف في اقتصاد الاسكان وهو علم يتناوله المهندسون والاداريون والاقتصاديون والاجتماعيون في دراساتهم، وهؤلاء هم من يدير المدن ويخططها وينظمها ويراقبها مما يثبت بالوجه القاطع ان كل دراساتنا فاشلة، ومن تخرج ودرس لا يفقه مما درسه شيء والحجة واضحة دامغة وقاطعة بكل معطياتها .

والبعد الثاني يمثل واقعا سكانيا مخيفا لتنامي المجتمع خلال اكثر من نصف قرن لم يدركه المعنيون قط، ولم يفكروا ويتحسسوا الكارثة قبل وقوعها ولم يفهموا ان السكن هو من اهم مقومات حياة الانسان وانتاجيته وراحته وطمانينته واستقراره ايا كان في المدينة ام القرية او في البادية او الصحراء او الجبال في القضاء او الناحية، فالسكن هو من مقومات حياة الانسان منذ بدء الخليقة ولغاية اليوم والى ان يقضي الله امرا .

التخطيط لدينا احاديث متداولة مطنبة مشبعة بالكذب والخيال لارضاء الما فوق، والتنظيم مساومات وتوافقات لخدعة الناس والرقابة تعويق واهانات وتصفية حسابات وكلها تسعى لتحقيق اهداف دعائية واعلامية ..والا فالتساؤلات ما زالت وستبقى عن اهمية اقتصاديات الاسكان ؟ وماهية عوامل الانتاج الاسكانية واهمها الارض وكيفية استغلالها وسوقها وعرضها والطلب عليها كذلك الخدمات والمنافع العامة التي تلحق بالارض السكنية من مواصلات وطاقة ومخلفات والاهم من ذلك التصاميم الخاصة بالمدن وتكييف طوبوغرافيتها والتصاميم المعمارية للسكن وانماطها وكلفها وضبط المواد الانشائية ومعياريتها وجودتها الملائمة زد على ذلك المؤسسات المعنية بالتنفيذ والتعهدات والمقاولات والقوى العاملة والمهارات وانماط التمويل ومؤسساته التي تعنى بالتمويل الاسكاني …..!

نتجاهل كل هذا وبعد ستة عقود من السنين وفي خضم سجالات التنمية المشوهة نستيقظ على مدن عشوائية وادارات تسعى لاخفاء كل التراكمات العشوائية بتبليط طريق هنا وصبغ رصيف هناك فيما يتجاهل هؤلاء المجتمع وسواده الاعم من الذي كان وما زال يبحث عن سكن بسيط له اقرته كل القيم الدينية والدنيوية ولا يجد خيارا الا ضمن تلك العشوائيات الاسكانية التي شكلت جبالا تراكمية منذ عقود لا يمكن زحزحتها والكل يعلم الاسباب والكل لا يدرك النتائج ونحن ما بين المختار والمربع الذهبي تائهون ….!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *