سرمد كوكب الجميل يكتب | الثقافة والاقتصاد

عراقيون | مقالات رأي

وانا اقرا في علاقة الثقافة بالاقتصاد فقد شغلني كثيرا مصطلح الثقافة الاقتصادية وتجاوزته لمصطلح اقتصاد الثقافة وما بين هذا المصطلح وذاك وفك الاشتباك بين الاثنين ظهر فجاة ما اثار انتباهي وجعلني اترك ما انا فيه وانشغل بتلك الجزئية الاساسية والمهمة والتي ظهرت فجاة في اطار الاقتصاد الاجتماعي؛ انها مسالة خلق الثقافة وانتقالها بين الاجيال ! لقد اثار هذا فيّ الما كبيرا مما دعاني لترك كل ما بيدي وتجاهل ما بذهني، والتركيز على انتقال الثقافة بين الاجيال واخذتني تاملاتي لعقود طويلة وهذا يعني ان الثقافة انتقلت الينا من معطيات مجتمع سبقنا انه ذاك المجتمع الثر الممتد من العشرينات لغاية الخمسينات فكانت الثقافة هبته لنا، وسالت نفسي هل شكلنا نحن جيل الخمسينات والستينات ثقافة لتمتد وتنتقل لجيل لاحق لنا ؟ واذا كانت هناك نقلة ما فماذا سينقل هذا الجيل للاجيال القادمة؟ واين معطياتنا التي ستنتقل وثقافتنا اليوم فاسدة كبيئتها فنظمنا فاسدة وارضنا ملوثة بشتى صنوف التلوث وهواؤنا كذلك وماؤنا شح ونضب واجراءاتنا معقدة وتزداد تعقيدا يوما بعد اخر وتسعى مؤسساتنا لاهثة لنزواتها ترى ماذا بقي ؟ فاين معطياتنا الفنية والادبية؟ واليوم يعكس كل الكلام النظري المسطر الذي يتقنه صناع الكلام والثرثرة الى واقع وتطبيق فعلي ، نعم انه تطبيق واقعي عملي بمعطى يعبر تعبيرا صادقا عن ثقافة جيل في مجتمع واعلموا بان هذا السيل الزبد سينتقل لاجيال لاحقة فما ورثناه في مدينتنا على الاقل من مزاول شمسية رائعة قل نظيرها انتقلت لجيل لا يفقه معنى مزولة شمسية اومعالم نحتية دمرت بالكامل نعم سيرث الجيل القادم قيم الفساد والتلوث واللاتسامح واللاتعايش وهو يرى معطيات تافهة بتعبيرات فردية غير مجتمعية وستخفت تلك النبرات العالية امام جيل لم تصله قيم ثقافية بحق بل انتقلت له قيم بالية وقد يكون السبب حالة الانقطاع الثقافي التي عاشها المجتمع طيلة ستة عقود من الزمن ليصحو على تفاهات ومعطيات بالية تكرس النزعة الفردية والانا المزيفة وهنا انتهت تاملاتي بنتيجة واضحة تعكسها قنوات التواصل الاحتماعي فتجد كل يقترح وكل يبرر وكل يطالب ولو اجملتها واخضعتها للتحليل والتمحيص لتجد غيابا كاملا للثقافة الاقتصادية في مجتمعنا ولاجل ذلك تيقنت من اجابة لسؤال مفاده : لماذا تخصص البلديات في معظم مدن العالم تخصيصات مالية للبناء الثقافي في المدينة فمثلا تخصص النمسا ما قيمته ٤% من اجمالي تخصيصاتها للثقافة وتصل الى ما قيمته ٩٤ يورو ليكون نصيب الفرد الواحد في المدينة سنويا وهي تدرك ان هذه التخصيصات الخاصة بالثقافة هي لنقل قيم الجيل الحالي الثقافية للاجيال اللاحقة ..لتبقى مدنها ومجتمعها على راس القائمة في نوعية الحياة ونحن سنورث كذبا وهشاشة وفسادا ومعطيات رثة وانصابا تعبر عن مرحلتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *