أكراد الوقت الضائع العرب فاروق يوسف رصد عراقيون

أحرج كاكا مسعود رفاقه من الأكراد وشركاءه من الشيعة بدعوته الغامضة إلى استفتاء ستجر نتائجه الشعب الكردي إلى منطقة اللاعودة. فكردستان الموعودة لن تكون سوى إقطاعية لآل برزان، أما الأكراد فإنهم سيخسرون الكثير.

لمَ لا يعترف العراقيون بوجود الدولة الكردية المستقلة؟!

ذلك ليس سؤالا، لذلك جاءت علامة التعجب بعد علامة الاستفهام. الدولة الكردية قائمة خارج حدود إقليم كردستان التقليدية أصلا.

شكليا لا شيء ينقصها. هناك علم ونشيد وطني وجيش وأجهزة أمنية ومحطات فضائية تنطق بلغتها المعترف بها محليا وممثليات في الخارج ورئيس ومجلسان للوزراء والنواب، وحدود لا يسمح لأحد شاء من يكون في تجاوزها.

ما الذي تحتاجه كردستان لكي تكون دولة؟

هذا سؤال يبقى عالقا في هواء طموحات الزعامة الكردية، وبالأخص الجـزء الذي يمثله مسعود البارزاني في أربيل.

حين نفى البارزاني غريم عائلته جلال الطالباني إلى منصب رئيس الجمهورية العراقية جرى ذلك على حساب العراق، وكان ذلك الإجراء تجسيدا لمفهوم الشراكة من وجهة نظره.

فالشراكة من وجهة نظر البارزاني ومَن اتبعه من الأكراد لا تعني المساهمة في بناء دولة عراقية جديدة بعد أن تم تحطيم الدولة العراقية، بل تعني الاستفادة من واردات العراق المالية إضافة إلى توفير فرص عمل ممتازة للأكراد داخل الدولة العراقية بما يخدم المصالح الكردية. وهو ما حدث حين تحولت سفارات العراق في الخارج إلى منابر لأكراد يدعون إلى إقامة دولة كردستان.

في سياق داخل المفهوم لم يتدخل الأكراد من أجل منع قيام دولة دينية، وهو ما يضعونه اليوم في مقدمة الأسباب التي تدعوهم إلى الانفصال.

كان أسوأ ما فعلوه أنهم لم يمنعوا حليفهم الشيعي من ارتكاب مجازره الطائفية في حق سكان المدن ذات الغالبية السنية. هل كانوا بالأمس يسعون إلى قيام دولة فاشلة في العراق، وهو ما يعترضون عليه اليوم؟

لا يتطرق البارزاني إلى الشراكة إلا من الجهة التي تتعلق بالطرف الشيعي الحاكم، ولكن ماذا عن الطرف السني الذي صار وجوده اليوم أثرا بعد عين؟

يدرك البارزاني أن اختفاء السنة من المعادلة العراقية سيمهد له الطريق نحو إقامة دولته المستقلة على حطام عراق صار في انتظار حروبه الثأرية التي لن تنتهي إلا إذا تم تقسيم العراق وهو ما سيجعل منه الرابح الأكبر.

لقد تم تدمير الطرف الذي كان يصرّ على بقاء العراق دولة بحدود معترف بها دوليا وبهوية فرضها التاريخ كما تؤكدها الأغلبية السكانية. ذلك التدمير الممنهج لم يقع لولا موافقة الأكراد.

بالنسبة للأجندة الكردية فإن لاجئا سنيا أفضل من سني متمرد. لذلك رحب إقليم كردستان بمَن لجأ إليه من السنة، وكان ذلك مصدر راحة بالنسبة لشيعة الحكم بالرغم من أنهم يعترضون عليه مسرحيا. لذلك تبدو صدمة الزعماء الشيعة كبيرة إزاء خيانة الشريك الكردي للصورة الافتراضية لعراق تُحفظ خرائطه في الملفات الدولية، كما هو من غير أن يكون له وجود على أرض الواقع.

“كانت دولة الأكراد موجودة فلمَ كل هذا الضجيج حول الاستفتاء المحرج؟” يتساءل الطرف الشيعي. كانت هناك أغنية للمطرب العراقي أحمد الخليل وهو كردي بعنوان “هربجي، كرد والعرب رمز النضال” وكلمة هربجي تعني يحيى. كان المطرب الخليل قد تغنى بالشراكة الكردية- العربية. يومها لم يكن هناك في العراق سنة وشيعة بل أكراد وعرب. وهو ما صار من الماضي بعد أن فرض المحتل الأميركي على عرب العراق أن يكونوا سنة وشيعة ليتم تمثيلهم في الحكم.

ذلك الإجراء الذي انتزع العراقيين من عروبتهم كان مفيدا بالنسبة للأكراد من أجل إقامة دولتهم التي هي ليست في حاجة إلى اعتراف دولي الآن.

لقد أحرج كاكا مسعود رفاقه من الأكراد وشركاءه من الشيعة بدعوته الغامضة إلى استفتاء ستجرّ نتائجه الشعب الكردي إلى منطقة اللاعودة. فكردستان الموعودة لن تكون سوى إقطاعية لآل برزان. أما الأكراد فإنهم سيخسرون الكثير.
#وكالة_انباء_عراقيون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *