ما بين الموصل ودهوك واربيل بقلم: مروان ياسين الدليمي رصد عراقيون

الخلافات السياسية زائلة وما يبقى هو الرابط الاجتماعي بين الناس.

الروابط العميقة التي يرتبط بها مركز مدينة الموصل مع مدينتي دهوك واربيل من الناحية الاجتماعية متشعبة بشكل كبير وتتوزع مابين مصاهرة وتعايش مشترك وعلاقات عشائرية ومصالح تجارية، واحيانا يصعب عليك معرفة أصول عوائل كبيرة في هذه المدن ما إذا كانت عربية وتأكردت او كردية واستعربت.

اظن ليس هناك تصور واضح لدى بقية مدن العراق عن هذه الحقائق.

فالعلاقات بين مجتمعات هذه المدن الثلاث على درجة عالية من التشعب والامتداد، والصلات التي تجمعها ولن تفلح اي قضية سياسية مهما كانت خلافية ويتجاذب الساسة أطرافها في ان تحدث قطيعة بينها. فليس من السهل تجاوز التاريخ الاجتماعي المتداخل بين البشر والذي يمتد لعشرات بل مئات السنين ودائما ما كان صمام امان للدفاع عنها وعن ما هو ثابت وراسخ من قيم انسانية صاغتها بشكل مشترك أخلاق وضمائر هذه المجتمعات بعيدا جدا عن السياسة ودهاليزها. ولذلك سيكون من الصعب جدا بسبب ظرف سياسي عادة ما يتبدل ويتغير وفقا لتغير المصالح ان يُنهي مثل هذه العلاقات الاجتماعية القائمة على ما هو ثابت في الوجود الانسان.

ولا شك ان هناك من يسعى بشتى السبل لتدمير هذا الإرث الإنساني لأسباب وغايات ومصالح مختلفة وغالبا ما تختفي وراء شعارات لا تعكس حقيقتها، ومن المؤكد أن سوق الجهات التي تعزف على وتر زرع وتصعيد ممكنات الخلاف بين العرب والأكراد من الناحية الاجتماعية بالدرجة الاساس قد ارتفعت وتيرته خلال الاعوام التي اعقبت العام 2003 وهذا يعود الى ما اصاب الدولة العراقية من ضعف كبير، حتى أصبح العراق ساحة مفتوحة ومباحة لكل اللاعبين المقامرين. وفي مثل هذا الحال من المنطقي جدا ان ينتج عن ذلك ثغرات وشروخ عميقة في جسد وبنية المجتمع تسمح بما يكفي لان ينفذ منها هؤلاء، ومع ما يحملونه من مغريات مادية سيكون من الطبيعي ان تسقط بعض النفوس الضعيفة تحت سلطة إغراءتها.

في المقابل يكفي أن صديقي حيدر (الكردي) ابن مدينتي لم يغادر الموصل في اتعس الظروف التي مرت عليها خلال الثلاثة اعوام الماضية ورغم أن محلاته التجارية في شارع حلب الذي يقع وسط الموصل القديمة قد تحولت إلى انقاض وبإمكانه ان يبدأ من جديد وبقوة في مدينة عقرة أو السليمانية حيث يعيش أقاربه إلا أنه كان يرفض هذه الفكرة التي كنت اقترحها عليه بين فترة واخرى وانا اتحدث معه عبر الهاتف، فكان جوابه دائما: لن استطيع العيش خارج الموصل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *