إقليم كوردستان بعد داعش عارف قورباني

 

 

هناك قراءات عديدة من قبل النقاد السياسيين ومراكز البحوث في جميع انحاء العالم، خصوصاً التي تهتم بشؤون مناطق الشرق الاوسط، لمرحلة ما بعد داعش سواء في العراق او في سوريا، وحتى في داخل إقليم كوردستان، قد ظهرت تفسيرات مختلفة حول مستقبل هذين البلدين بعد سقوط داعش، ولكن لم نهتم بما سيحدث والاحتمالات التي ستترتب على مستقبل إقليم كوردستان بعد التخلص من التنظيم بشكل كامل.

 

رأي الأغلبية يؤشر الى ان بعد التخلص من داعش، سوف يتغير الوضع الراهن في المنطقة بشكل عام، ولكن وبسبب ربط اي تغيير في المشهد السياسي في العراق او سوريا مع المعادلات والصراعات السياسية الدولية وتأثيرها على ميزان القوى للدول الإقليمية، فمن الممكن ان تبقى الخريطة السياسية على وضعها الراهن دون تغييرات.

 

ومع ذلك يجب ان تكون القوى الدولية والإقليمية على استعداد تام في مواجهة الإحتمالات التي يمكن ان تترتب عليها الاوضاع بعد انهيار داعش.

 

أكثر التغييرات المتوقعة التي تتبع مرحلة التخلص من داعش، ستكون في إقليم كوردستان، ولكن لم يتم التطرق او الاهتمام لهذا الامر لا من وسائل الاعلام ولا من مراكز القرار ولا من مراكز الابحاث، ولم تجر اي استعدادات لمواجهة هذه التغيرات المحتملة.

 

لقد كان للكورد في كوردستان سوريا وإقليم كوردستان، دوراً هاما وحاسماً في التصدي لتنظيم داعش، ولهذا اصبحوا يشدون انتباه المجتمع الدولي اليهم، واصبح المجتمع الدولي يتحدث عنهم وعن مستقبلهم في الكثير من المحافل وذلك لسببين، اولا بسبب التضحيات التي قدمها الكورد في هذه المعارك للقضاء على الإرهاب، وثانياً لأنهم اصحاب قضية حقيقية وهي القضية الكوردية، فالكثير من المحللين يعتقدون بأن الكورد هم سيكونون من اكبر المستفيدين من الحرب ضد داعش، ولكن واقع الحال قد يختلف عن هذه التوقعات، فهناك مخاوف من ان يكون الكورد ضحية لمصالح قوى عظمى، للحفاظ على توازن القوى في هذه المنطقة، ولكن اعتقد بأن حل جميع المشاكل العالقة داخل إقليم كوردستان وزراعة الوحدة بين الكورد قد يكون عائقاً امام هذه التحديات.

 

بالرغم من ان الحرب مع داعش قد ادى استشهاد اكثر من الف مقاتل كوردي، واصيب آلاف منهم في هذه المعارك، إلا ان هذه الحرب قد احبطت بعض المشاكل الداخلية في إقليم كوردستان ومنعتها من ان تكبر، ولكن قد تظهر تحديات جديدة في اقليم كوردستان، والتي تتطلب اعدادات مسبقة لها.

 

فمن المرجح ان تصل الامور والخلافات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني و حزب العمال الكوردستاني (PKK) الى نقطة ساخنة مما قد تتسبب بحرب اقليمية وخلق مشكلة اخرى في إقليم كوردستان. ومن المحتمل ايضا اندلاع المشاكل بين قوات البيشمركة و الحشد الشعبي بسبب المناطق المتنازع عليها، مثلما حصل في منطقة طوزخورماتو.

 

ان الحكومة الاتحادية ليس فقط لن تتفق مع إقليم كوردستان، بل انها ستحاول ان تفاقم النزاعات وان تعمق الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها إقليم كوردستان منذ أكثر من عامين وذلك عن طريق الضغط على الحقول النفطية في محافظة كركوك (هافانا وباي حسن) وايران ايضا، سوف تحاول التصعيد والتدخل في الشؤون الداخلية لإقليم كوردستان.

 

ان الهبوط الحاد في اسعار النفط والمستمر لحد الآن، قد وضع حكومة إقليم كوردستان في وضع لا يحسد عليه، بحيث انها قد لا تعود قادرة على دفع النصف راتب الذي يتم توزيعه اليوم على الموظفين في الإقليم، وهذا الامر بدوره سيؤدي الى ازدياد السخط الشعبي مما قد يتسبب بمواجهات بين الحكومة والشعب، كذلك يجب ان لا ننسى بأن العملية السياسية المتعثرة منذ زمن ليس بقليل، سوف يساهم في تصاعد هذا السخط الشعبي واشتعال ازمة.

 

للتقليل من هذه المخاطر، نحن بحاجة الى تغيير هيكلة وشكل الحكم في إقليم كوردستان، وان يبين هذا التغيير في ان لا يكون الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحيداً في واجهة أو تمثيل الحكومة، فقسم كبير من هذه التغييرات بعد التخلص من تنظيم داعش ستؤثر في المقام الأول على الحزب الديمقراطي الكوردستاني ثم على الشعب الكوردستاني.

 

نحن لا نستطيع ان نحكم إذا ما كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني على صواب أو خطأ في السياسات التي يمارسها، إلا ان الواقع يقول ان ما يحدث من المخاطر والتهديدات القائمة هو بسبب الديمقراطي الكوردستاني، فيقال بعضها بسبب خطاباته القومية أو لدورها في الصراع على السلطة الاقليمية، أو بسبب السياسات الخاطئة التي تتبعها. ويبدو ان البارزاني يدرك هذه الإحتمالات الممكنة، فقد طالب في تصريحه الأخير حول المشاكل العالقة في إقليم كوردستان، بأن يتم تغيير تركيبة الرئاسات الثلاثة في إقليم كوردستان.

 

فيجب الإستفادة من مبادرة البارزاني لحل هذه المشاكل، لأن هناك تهديد لوحدة اراضي إقليم كوردستان بسبب مدينة السليمانية، فهم يحسون بأنهم مهمشين، فلو أخذ الاتحاد الوطني الكوردستاني إدارة الحكومة، وضمن بأن تدار الإدارات الرئيسية من قبل اهالي السليمانية، فلن يبقى لديهم هذا الشعور بالتهميش، وستنتهي المخاوف من تقسيم هذه إقليم كوردستان نهائيا، حتى ان ايران سوف تخفض من الضغط الذي تقوم به على هذه المنطقة، وحزب العمال الكوردستاني لن يشكل تهديداً بعد الآن، وليس بعيدا ان تتحسن العلاقات اكثر بين اربيل وبغداد بسبب العلاقات الجيدة التي تربط الاتحاد الوطني الكوردستاني مع ايران والشيعة، ولهذا ارى بأن افضل خيار في هذه المرحلة يكمن بوضع الاتحاد الوطني الكوردستاني كواجهة للقوى وان يقود الحكومة في إقليم كوردستان، وان يرجع الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى الصف الثاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *