قراران عراقيان مضحكان، مبكيان! /  بقلم: زيد الحلي

 

 

 

تحرج الجهات الرسمية نفسها حين تصدر قرارات لا يمكن تطبيقها.

 

قراران غريبان، صدرا عن جهتين عراقيتين رسميتين، لا جامع بينهما سوى حصادهما عبارات التقريع من المواطنين، والضحك على ما يرميان اليه من اهداف ربما هي اقرب الى من يحمل بيديه قطعة ثلج صغيرة في نهار تموزي.

 

عن اي قرارين اتحدث؟ اتحدث، عن قراري وزارة التربية ومديرية المرور العامة، القاضيين باتخاذ اجراءات صارمة بحق من يخالفهما، فيما تشير جميع الشواهد على ان القرارين، لا يمكن تطبيقهما اطلاقاُ، فهما عبارة عن رمال في صحراء المخيلة، وابتسامة في عزاء، او ضوع عطر قرب مسلخ لجزر الحيوانات.

 

قرار وزارة التربية، يقضي بمنع التدريس الخصوصي، وهددت باتخاذ الاجراءات القانونية بحق من يخالف ذلك، مبينة بأنها اتخذت هذا القرار بعد ملاحظتها قيام بعض المعلمين والمدرسين بعدم توصيل المادة العلمية للطلاب مما يجبرهم الى اللجوء الى الدروس الخصوصية.

 

وهنا، تبدأ القهقهة عند المواطنين، ويتساءلون: كيف لوزارة التربية، تطبيق قرارها؟ هل ستقوم بحملات تفتيش لبيوت المعلمين والمدرسين، لمراقبة التدريس الخصوصي، او ستقوم الوزارة بتعين شرطي في بيت كل طالب لمنع المدرس او المعلم من زيارته واعطاءه دروسا خصوصية؟

 

ليسمح لي من اقترح اصدار هذا القرار، ومن وقعه، القول بأن هذا القرار ولد ميتاً، وسيبقى كذلك، ما دامت اجواء الدراسة، وسوء البنايات المدرسية، وعدم انتظام الدراسة بسبب تأخر توزيع الكتب، والتغيرات المفاجئة للمناهج، والوضع الامني غير المستقر، وازدحامات الطرق مازالت مشاكل بلا حل… فهل ادرك القائمون على الواقع الدراسي عندنا هذه الحقائق، قبل اصدار هذا القرار المضحك، المبكي؟

 

اما القرار الثاني، فهو ادهى، واكثر مدعاة للسخرية، وهو قرار مديرية المرور العامة بحظر التدخين في مركبات النقل العام، حيث أعلنت عن فرض الغرامات على المخالفين بشكل فعلي، والقرار المذكور يشمل السائق والراكبين على حد سواء، واوضحت دائرة المرور بان الغرامة ستفرض على السائق في حال حصول حالة التدخين في المركبة، واشارت الى امكانية الركاب تبليغ المرور بحدوث التدخين داخل المركبة ذات 7 راكب فما فوق.

 

الذي يثير العجب، هو هذا التساؤل المنطقي: هل دائرة المرور، تعيش في زمن جمهورية افلاطون؟ وهل تعتقد ان الراكب، سيبادر الى ابلاغ سيطرات المرور بالاخبار عن السائق الذي يقود المركبة التي يستقلها في ضوء الاعراف العشارية التي بدأت تتنامى بشكل كبير في مساحة المجتمع؟ ثم كيف تعرف سيطرة المرور ان المركبة الفلانية حدث فيها “جرم” التدخين؟

 

للأمانة، اذكر من مشاهدة عيانية ورب الكعبة، انني لاحظت اثناء مراقبتي لكيفية تعامل السائقين مع القرار، انهم زادوا من عنادهم، بل ان بعضهم، يبدأ بالتدخين منذ بداية خطه حتى نهايته، دون ان يعبأ بالقرار والاضرار الصحية التي تصيبه. على رأي المثل القائل “كل ممنوع.. مرغوب”!

 

اخيرا، اقول ان الحكمة هي البصيرة.. فمتى تكون قراراتنا حكيمة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *