داعش وذيل البعير …. ! / سعد سعيد الديوه جي

يحكى أن رجلا بصيراً أرد أن يصف بعيراً فتقرب من ذيله ظاناً بأنه الرأس وأخذ يصفه فقال بأن مقدمة رأسه تشبه الفرشاة …!
لقد دأب البعض على حصر “مؤسسة “ داعش ببعض العشرات أو المئات من أهل الموصل وما حولها من القرى ممن فهموا بعض الأفكار الدينية فهماً منحرفاً على أنهم هم لا غيرهم يمثلون هذه المؤسسة التي تمتد أذرعها في الشام والعراق وسيناء وليبيا وأفغانستان وحتى داخل بعض الدول الغربية ، وبأمكانيات إعلامية وإقتصادية وعسكرية هائلة .
وراح بعض هؤلاء المغفلين يصبون لعناتهم على بيوت الله واعتبروها البؤر التي يتخرج منها أعضاء هذه المؤسسة المعقدة ناسين أو متناسين أن المدينة (الموصل) سقطت على أيدي بضع مئات من الأجانب الذين جاؤا من أطراف جزيرة الفرات وتحت مراقبة الأقمار الاصطناعية لتنسحب أمامهم فرق كامة في واحدة من أغرب المسرحيات العبثية في التاريخ الحديث والتي لم تخطر لا على بال بريخت أو ميشال فوكو ولا غيرهم من كتبة العبثية !
هؤلاء الذين يحصرون عمل هذه المؤسسة بالمشاهد التمثيلية على شاشات التلفزيون وبإخراج بالغ الدقة وبرتوش دينية مهلهلة ومستعارة يتناسون متعمدين وجود آلاف المقاتلين من العرب والروس والصينيين والشيشان والأوربيين والذين لم يعرفوا الموصل ولا الرقة ولا الرمادي وتم جلبهم مع عوائلهم بعملية إستخبارية معقدة شاركت بها أطراف عديدة سيكشفها التاريخ يوماً ما ، ثم شاركهم أهل الغفلة والحمقى من أبناء جلدتنا تحت دوافع شتى ، ليس أقلها اللصوصية والإستحواذ على ممتلكات الناس والتي لم تسلم منها طائفة أو دين تحت ذرائع مصطنعة ؟
إن الحرب الضروس الدائرة في مدينتنا المنكوبة هذه الأيام لا يديرها أهل المدينة ولا أهل القرى حيث لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة في هذه التركيبة المعقدة وهذا الخليط العجيب من البشر وتلك الأموال الهائلة والأسلحة المعقدة لا يمكن أن تدار من بضع مساجد هنا وهناك ، وهؤلاء لم يدخلوا مسجداً ولا جامعا لا في الموصل ولا غيرها ولم يقرأوا كتب الشيخ ابن تيمية ولا غيره.
إن ارتداء لباس الخلافة وبعض الرتوش الدينية غير الملزمة يجب ألا تدفعنا لمهاجمة فكرنا الديني ومساجدنا والتي لا تمثل إلا التسامح على مدار اربعة عشر قرنا أو يزيد ، ومن لا يعرف فليقرأ كتاب “ الدعوة الى الاسلام “ للمؤرخ البريطاني سير ت. أرنولد والذي كتبه قبل أكثر من مئة عام.
وأخيرا لنفكر بعمق وبمصداقية وبعيداً عن الانتهازية فالبعير لا يوصف من ذيله !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *