أوانُ الضربِ تحتَ الحِزام / عدنان حسين

 

 

عمليّاً، دخلنا الآن في مرحلة الضرب تحت الحزام في ما بين الضواري السياسية المتصارعة على السلطة والنفوذ والمال .. الاستحقاق الانتخابي الذي بدأ عدّه التنازلي منذ الإعلان قبل شهر ونصف الشهر عن موعد انتخابات مجالس المحافظات في أيلول المقبل، هو ما فتح أبواب هذه المرحلة التي لن تنتهي إلا بسقوط رؤوس.

في وسط البلد (ساحة التحرير البغدادية) كانت البداية عندما تحرّك متظاهرون نحو جسر الجمهورية، بعدما تجمّعوا في الساحة تحت شعار وحيد هو تعديل قانون الانتخابات وتشكيل مفوضية عليا جديدة للانتخابات لضمان أن تجري انتخابات مجالس المحافظات في أيلول والانتخابات البرلمانية بعد ذلك بستة أشهر بالشفافية والنزاهة اللتين افتُقدتا على مدى السنين العشر الماضية.

سعى المتظاهرون السلميّون لعبور الجسر باتجاه كرادة مريم للاعتصام  قبالة المنطقة الخضراء المحصّنة بصفوف من الجدران الكونكريتية وبصفوف أخرى من القوات المدججة بالسلاح الفتّاك. القوات الأمنية المرابطة على الجسر سعت من جانبها لمنع المتظاهرين من العبور.

الموقف ساعتها كان قابلاً للضبط والسيطر، فعلى مدى سنة ونصف السنة تطورت علاقة جيدة بين المتظاهرين المرابطين في الساحة ثلاث ساعات كلّ يوم جمعة والقوات الأمنية المزودة بتوجيهات قياداتها بأنّ مهمّتها حماية التظاهرة والممتلكات العامة والخاصة المحيطة بالساحة، لكنْ في لحظة ما أُطلِق الرصاص من مكمن ما، على الأرجح، على المتظاهرين والقوات الأمنية فقُتِل أربعة متظاهرين وعنصر أمني واحد وأصيب العشرات برصاص حيّ ومطاطي وبالغازات المسيلة للدموع.

جهة ما أرادت أن تخلط الأوراق بتسويد وجه القوات الأمنية وقائدها العام من جانب، ومن جانب آخر التحريض على المتظاهرين الذين ظلّت شعاراتهم المطالبة بالاصلاح ومكافحة الفساد وتحديد المسؤوليات عن ضياع مئات مليارات الدولارات وعن تمكين الإرهاب من احتلال ثلث مساحة البلاد، تقضّ المضاجع في المنطقة الخضراء.

ما حدث أول من أمس في جامعة واسط (مدينة الكوت) كان خطوة في الاتجاه نفسه الذي يُراد له أن ينتهي عند رأس حيدر العبادي المتطلّع في ما يبدو إلى ولاية ثانية وإلى ترتيب جديد لأوراق الحكم.

التظاهر داخل الجامعة وخارجها وفي أي مكان حقّ، ومواجهة المسؤولين بالمطالب حقّ، وإظهار الاحتجاج لعدم تلبية المطالب حق هو الآخر، بيد أنّ الخروج على سلمية التظاهر والاحتجاج، كالاعتداء على موكب رئيس الحكومة ( أو أيّ مسؤول آخر في الدولة) وهو يدخل إلى جامعة واسط ليس بالحقّ، بل هو فعل عنفي مُجرَّم، مثلما هو فعل مُجرَّم استخدام العنف ضدّ الطلبة.

ثمة بالتأكيد مَنْ غمز للبعض في جامعة واسط للخروج على الأعراف والتقاليد الجامعية، والاعتداء على موكب العبادي، مثلما حصل عند جسر الجمهورية قبل عشرين يوماً.

الحادثان مترابطان، وهما ليسا سوى البداية في عملية الضرب تحت الحزام التي سيشتدّ أوارها كلما اقترب غدا موعد الانتخابات أقرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *