معركة غرب الموصل تثير الخوف في شرقها المحرر
عدم قدرة القوات العراقية على فرض قبضة قوية على شرق المدينة يخلق منافذ لتسلل المتطرفين إليها وشنّ هجمات دموية جديدة.
حركة نزوح من شرق الموصل بسبب التوترات الأمنية
تستعد القوات العراقية التي استعادت الجانب الشرقي من الموصل في يناير/كانون الثاني لشن هجوم قريب على معاقل الجهاديين في القسم الآخر من المدينة، ما خلف فراغا أمنيا أدى إلى وقوع هجمات متكررة أثارت انتقادات السكان.
ورغم إعلان قيادة العمليات المشتركة التي تقود معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على ثلث مساحة العراق في عام 2014، تحرير كامل الجانب الشرقي من الموصل في 24 يناير/كانون الثاني لا تزال الأوضاع متوترة في شرق المدينة.
ويعبر سكان أحياء محررة حيث رفع العلم العراقي فوق المباني الحكومية وعادت الأسواق والمحال التجارية للعمل، عن مخاوفهم من عودة العنف مجددا رغم مشهد الشوارع المزدحمة والأسواق المكتظة في شرق الموصل الذي كان قبل أسابيع فقط تحت سيطرة التنظيم المتطرف.
وقال عمر (25 عاما) وهو عضو تجمع مدني يعمل على إعادة الحياة إلى ثاني مدن العراق، “يبدو أن كل شيء عاد إلى طبيعته لكن الناس يعيشون في خوف مستمر لأنهم يعلمون أن نزيف الدماء قد يعود” من جديد.
وأضاف أن “الكل يتحدث عن التحرير لكن داعش مازال هنا” في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية، قائلا “طائراتهم المسيرة تحلق فوق رؤوسنا وتستهدف منازلنا ومستشفياتنا ومساجدنا”.
وتقول أم سمير وهي إحدى سكان أهالي حي الزهور “عادت انفجارات السيارات الانتحارية، هذا يذكرنا بداعش”.
واستهدف هجوم انتحاري بسيارة مفخخة في التاسع من فبراير/شباط مدنيين قرب مطعم مشهور في شرقي الموصل أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، وفقا لمصادر رسمية.
ولم يغادر سوى ثلث أهالي الجانب الشرقي من الموصل منازلهم خلال المعارك التي شهدتها مناطقهم وخاضتها قوات عراقية أبرزها جهاز مكافحة الإرهاب ضد الجهاديين لاستعادة السيطرة على هذا الجانب، خلافا للتوقعات التي تحدثت عن وقوع موجة نزوح هائلة عند انطلاق معركة الموصل.
نزوح جديد
وعلى الرغم من كون مناطقهم محررة وبشكل رسمي ، مازال بعض سكان شرقي الموصل يغادرونها، فقد نزحت نورية بشير وهي في الستينات من العمر من منزلها مع أبنائها وأحفادها هذا الأسبوع.
وقالت السيدة متحدثة من داخل خيمتها في مخيم حسن شام الواقع إلى الشرق من الموصل، “زوج ابنتي قتل بانفجار قنبلة ألقتها طائرة مسيرة كان الدواعش يعرفون مكانه في تلك الليلة، لأن هناك خلايا نائمة في كل مكان”.
وقال رزكار عبيد مدير المخيم إن “كثيرا من النازحين غادروا المخيم للعودة إلى منازلهم، مباشرة بعد إعلان تحرير شرقي الموصل”.
وتابع “لكن في الأيام القليلة الماضية، استقبلنا حوالي 40 عائلة من الذين لم يعودوا يتحملون أوضاع المدينة أكثر”.
ورغم انتشار قوات الأمن في أحياء الجانب الشرقي من المدينة، ترى أم سمير أنهم “مهملون” في أداء واجبهم.
وتوجهت قوات مكافحة الإرهاب، أبرز القوات المشاركة في عملية استعادة الموصل، للتحضير لمعركة استعادة الجانب الغربي من المدينة.
وقال الفريق عبدالوهاب الساعدي أحد أبرز قادة هذه القوات “سلمنا هذا الجانب من المدينة إلى الجيش”.
وفي إشارة لاعترافه بعدم استقرار الأوضاع الأمنية في شرقي الموصل، قال الساعدي إن “الجهاديين في الجانب الغربي يستمرون بإطلاق قذائف هاون”.
طائرات مسيرة وقذائف
لكن الطائرات المسيرة وقذائف الهاون وحدها تشكل مصدر خوف وقلق لأهالي الجانب الشرقي من الموصل.
وقال عامر البيك وهو عضو في مجموعة مجتمع مدني محلية “هناك تقصير واضح من الناحية الأمنية في شرق الموصل”. ويرى هذا الناشط أن السبب يعود إلى “قلة كفاءة بعض عناصر القوات الأمنية”.
وذكر عدد من سكان أربع قرى تقع إلى الشمال من الجانب الشرقي للمدينة، شرقي نهر دجلة، أن مقاتلي داعش ما زالوا يتواجدون هناك.
وقال أحدهم رافضا كشف اسمه خوفا من الوقوع بيد جهاديين، إن “عناصر التنظيم متواجدون. هناك حوالي مئة منهم في المنطقة”، مضيفا أنهم “يتجولون بحرية بدون لثام وبملابسهم العسكرية ويحملون أسلحتهم الخفيفة”.
وأشار في الوقت نفسه إلى قيام هؤلاء المتطرفين بإعدام عدد من أهالي القرى.
وتساءل ساكن آخر “لماذا لا يحرر الجيش قرانا. نستغرب عدم تحرير قرانا حتى الآن، قوات الجيش على بعد كيلومترات” قليلة.
واعتبر معهد دراسات الحرب في تقرير نشر الأسبوع الماضي أن “عدم القدرة على فرض قبضة قوية مناسبة تخلق منافذ لتسلل تنظيم الدولة الإسلامية كما حدث من خلال عدة هجمات في شرقي الموصل”.
وبالإضافة إلى التأثير المباشر على حياة المدنيين، حذر مركز الأبحاث من “عودة عمليات التسلل” لأن ذلك يمكن أن يؤثر على الجهود لاستعادة السيطرة على الجانب الغربي من المدينة.
ونبه إلى أن ذلك “يجبر قوات الأمن العراقية على خوض معارك على جبهتين لاستعادة السيطرة على المدينة”