سرمد كوكب الجميل يكتب | ثقافة البقالة وقطاع الاعمال في مجتمعنا

عراقيون/مقالات رأي

يعاني قطاع الاعمال في مجتمعنا من مشاكل كثيرة ومن يتابع تلك المشاكل طيلة عمره لما يقرب من قرن من الزمن كتطور طبيعي من القطاع الحرفي بعد تاسيس الدولة العراقية، يلاحظ امرا مهما مضمونه العلاقة المتبادلة بين قطاع الاعمال والمجتمع، وعلى الرغم من كل ما فرضته بيئة الاعمال بعواملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على ذلك القطاع وحددت مساراته اضافة للعوامل المتوارثة المتجذرة تاريخيا وثقافيا وسلوكيا وهذا ما ينبغي ان يلقى عليه الضوء، فقد طبع قطاع الاعمال بطابع البقالة وليس الاعمال ويبدو انها صفة غابت عن معظم تلك الدراسات ولا بد من
ان تفتح نافذة لنقاشه منطلقين من طبيعة المجتمع وسلوك افراده وانماط اعماله وقراراته فما هي سمات البقالة.


البقالة لغويا من بيع البقول والمواد الغذائية بحسب معاجم اللغة ولكن بالمعنى الاجتماعي في الموصل تطلق على دكان المحلة الذي يلبي طلباتها من مفردات يومية بسيطة وباسعار زهيدة وكميات قليلة ولهذا يوصف العمل بالبقالة اذا انطبقت عليه هذه السمات فمثلا يقال بقالة صيرفة عندما تكون مصارف صغيرة ونشاطاتها محدودة وبسيطة ويقال لرجل الاعمال الذي تحكمه الانا العالية وعدم الثقة والتحفظ المفرط بانه بقالة اعمال ويسري هذا المفهوم على كل الانشطة التي تكتسب هذه المواصفات .


تتعامل البقالة باسوأ النوعيات ولاتهمها نوعية المادة او المنتج وتتجاهل الاعلان والترويج بحجة الكلف العالية وتفرط في السعر محاولا كسب المزيد وتتغافل عن اي خدمة مرافقة للعمل ولا تهتم بنظافة المكان او محيطه توفيرا لكلف اضافية وغالبا من تستخدم الكلمات النابية والصوت العالي تجاه الزبائن اذ تحسبهم اطفالا في دكان المحلة، والاهم من كل هذا سوء الخطاب الموجه للزبائن وبعد كل هذا لا بد من بلورة كل تلك السمات وتصنيفها كما يلي: الانا العالية والتحفظ الشديد والشك وعدم الثقة بالمحيط وغياب شبه كامل للتطوير والابداع والتغيير .


تاسيسا على ما سبق يمكن الاجابة عن تساؤلات كثيرة يسألها اصحاب الاعمال ومنها لماذا لا تتطور الاعمال في الموصل ؟ ولماذا الابتعاد عن المغامرة في التنويع والتسويق والترويج والاعلان ؟؟ لماذا التحفظ في الانفاق؟ ولماذا خدمات معظم الاعمال سيئة للغاية فيهرب منها الزبون ؟ واسئلة كثيرة اخرى تطرح ولا شك انها نابعة من صميم المجتمع الذي خرجت منه تلك الاعمال .. فقد غابت الشركات الواحدة تلو الاخرى عبر خمسة عقود وغابت النوعية وتلاشت تدريجيا واهمل الزبون فلم يعد للخطاب المهذب مكان في صيغ التعاملات وغاب دور الحكومة في دعم ومراقبة قطاع الاعمال وظهر مؤخرا الفساد ففسدت بيئة الاعمال واثرت في سلوك مؤسساته الاعمال ورجالها فاتسم قطاع الاعمال بهدف الربح السريع واكتسب دورا كبيرا في نشر الغش والنصب والاحتيال، فكان مصدرا لعدم الثقة والتحفظ لاجل ذلك غلفت ثقافة البقالة قطاع اعمالنا اليوم …. فغابت استراتيجات الاعمال وحل ما يمكن ام يحل باليد من تكتيكات للربح فقط ومحاولة تقليل الكلف قدر المستطاع متخذين من مقولة السوق يبلع !! فكان عنوانه ثقافة بقالة الاعمال…..!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *