د . ريان توفيق الهاشمي يكتب: بين مشاكلنا وحلحلتها

كلما تم التعرض لخلل على مستوى التعليم أو الإدارة أو القيم .. الخ بادر الكثير من المهتمين بهذه الموضوعات بالسؤال عن الحلول؛ إذ لا ينبغي من وجهة نظرهم الإسراف في عرض الإشكاليات، وسردها دون التعرض للجانب اللأكثر آهمية وهو الحل.
والحقيقة أن عرض الخلل والتوسع في التقاط صوره من زوايا متعددة يعد الخطوة الأولى للانطلاق نحو تجاوزه في مستوياته المتعددة؛ إذ إن العقل الجمعي قد ألف أنماطا معينة من السلوكيات وأطراً ضيقة من التفكير، ولطول العهد قد أصبح الخطأ صوابا، والباطل حقا، والعشوائية نظاما، والحط من كرامة الإنسان مقصدا.


فالمعلم أو المدرس أو أستاذ الجامعة إذا ما حاول الارتقاء بالمعرفة من خلال العقل النقدي، ومناهج التدريس الحديثة وجد نفسه يغرد خارج السرب الذي ألف نمطية قديمة تعتمد الحفظ والاسترجاع، هذا إن كانت له رغبة في التعلم.


كما أن العقلية الإدارية السائدة في العديد من المؤسسات لا تقبل التفكير خارج الصندوق؛ إذ إن بالإمكان تسخير الإمكانيات المتاحة لتخطي نسب غير متوقعة من الروتين، وإضاعة نفائس الأوقات، وهدر كرامة الإنسان في الانتقال من هذا الطابور إلى ذاك.


وقل مثل ذلك في أن المجتمع في الأعم الغالب قد ألف العشوائية في نظام السير بشتى تمظهراتها، بحيث أصبح اللانظام هو الغالب.


ولابد أن نعلم بأن النهوض بالمجتمعات وسلوكياتها، وتجاوز أزماتها القيمية ليس كتجاوز خلل في ماكنة سيارة، أو محطة توليد كهرباء، التي تعتمد كل منهما على خطوات محددة .. إننا هنا أمام مسألة معقدة، وهي صناعة وعي جديد يتخلى عن حمولة أعراف وأنماط عششت في كيانه، وصبغت شخصيته بألوان داكنة، تعارض أية ريشة تعتمد الألوان الفاتحة المنعشة للروح.
وهذه الصناعة تبدأ بإثارة الجوانب الرخوة في المجتمع، وتلتقط صورا للممارسات التي تهدر كرامة الإنسان، وتلغي عقله، وتبين الآثار المترتبة عليها، وتحاول استفزاز الجوانب التي مازالت حية لدى غالبية الناس، وصولا لتشكيل تيار عام يرفض إهدار القيم والتنكب للكرامة الإنسانية، ويغير سلوكه النمطي باتجاه صناعة حياة كريمة.


وأخيرا فإن التغيير هو قرار ذاتي قبل كل شيء، فما لم يقتنع العقل الجمعي بضرورة تجاوز هذه السلوكيات سوف لن ننجز شيئا مهما تكلمنا وصرخنا، وهذا ما نطق به البيان الإلهي (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) فنحن في المراحل الأولى، والمهة تضامنية، تبدأ بالقرار وتحمل السباحة عكس التيار، والصمود أمام الموجات القوية التي لا تعي أن السباحة عكس التيار إنما هو لمصلحتها ومصلحة المجتمع عموما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *