سرمد كوكب الجميل يكتب:اقرأوا الورقة البيضاء تؤجروا

دخل الاستاذ John flecture المحاضرة وبدأ الحديث وغالباً كان يشير الى مرجع بعنوان الورقة البيضاء white paper وكان هذا سنة ١٩٨٣ وما ان انتهت المحاضرة وبدأت بمراجعتها استوقفني موضوع الورقة البيضاء وبعد البحث والاستفسار تبين لي بانها خطة اعتمدتها الحكومة البريطانية في حقبة معينة ونجحت في تطبيقها وكان مضمونها علمياً يركز على السياسة النقدية التي يمكن ان تطبقها الحكومة لمعالجة أزمة معينة وكانت ورقة علمية بحتة وخطة متكاملة ببرامج جاهزة للتطبيق وبعد سنوات باتت مرجعاً معتمداً في محاضرات مقرر المالية الكلية macro finance .

تذكرت هذا وأنا اقرأ ورقتنا البيضاء التي صدرت قبل أيام وضمت ٩٦ صفحة بمحاور متعددة والحمد لله ، وقد حاولت أن أجهد نفسي لقراءتها رغم ما انتابني من ملل وخمول فقد احتوت كلاماً مللنا منه للحد الذي بات طرحه غير ذي جدوى.. صناعة وزراعة وتجارة وكذا وكذا ولا بد .. ويجب … وسوف… ولعل …

المهم قرأتها سريعاً كما تعلمنا ذلك في أصول القراءة السريعة للمراجع وكنت أبحث فيها وبين أسطرها وصفحاتها عن أمور لم أجدها فقلت غلب على الورقة البيضاء الاقتصاد وغابت المالية عكس ما جاء به عنوان الورقة “الإصلاح المالي” فلم أجد للمال رائحة ولم أجد للنقد طعما بل كانت بمعظمها اقتصادية للعظم وحاولت أن أطبق منهجيتي في العمل العلمي فلم أفلح فقد حضر السؤال لماذا why وغاب السؤال كيف how ؟ فغابت معالجات الفساد .

ويعلم الجميع ما هي مكامن الفساد في العراق وقنواته وغابت المعالجات المصرفية والمالية وكنت اتمنى ان تتضمن الورقة إعادة هيكلة المصارف الأهلية ودمجها لتصبح عدة مصارف تشكل مؤسسات مصرفية بوصفها شركات مساهمة عامة وطنية ذات قدرة مالية وكذلك اليات تحويل المصارف الحكومية الى شركات مساهمة عامة ، وأيضاً تحويل شركات القطاع العام لشركات مساهمة عامة وتسجل كل الشركات في سوق العراق للأوراق المالية وغابت المعالجات الرقابية وكيفية حصر المنظومة الرقابية بديوان الرقابة المالية ومنحه الصلاحيات الرقابية وغابت ايضا معالجات استقرار البيئة العراقية امنياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً وان توضح لنا الورقة كيفية تعبئة المدخرات وتعظيم الإدخار وكيفية تشجيع الإستثمار إذ من دون مصارف موثوق بها وبيئة مستقرة لا تتحقق تلك الرؤى… ترى ماذا بقى ؟ ما بقى … ورد في الورقة… اقرؤوها تؤجروا !! .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *