المقال الذي كان سبب اختطاف الصحفيه افراح شوقي القيسي مساء الاثنين من قبل قوات يشتبه بهم عسكريين مدججين بالسلاح في منطقة السيديه استهتار السلاح في الحرم المدرسي!  افراح شوقي

 

ليس ابشع من حادث في بلد اسوأ من إهانة المعلم الذي “كاد ان يكون رسولا”. وليس هناك من سوء أكثر من استهتار حملة السلاح فيها . بالامس تناقلت وكالات الانباء خبر اصاب الجميع بالصدمة والحزن معا لمديرة مدرسة في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار تعرضت للضرب من قبل احد ضباط وزارة الداخلية، وهو ايضا ولي امر طالبة تعرضت للتدافع مع احدى صديقاتها لكن هذا لم يرض الاب الثائر عندما داهم المدرسة وطالب المديرة بفصل الطالبة التي اعتدت على ابنته، او اخراج ابنته من المدرسة ولما رفضت انهال عليها بالضرب والشتائم امام طلبتها،وكانت النتيجة نقل المديرة الى المشفى لاصباتها بكدمات وانهيار نفسي حاد.مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت صور وجود الاب مع بعض اصدقائه وهم يرتدون الزي المدني ويحملون السلاح بشكل بارز امام باحة المدرسة، في مشهد اقل مايوصف بأنه مشهد عصابات خارجة عن القانون بأمتياز!

نشطاء وكروبات فاعلة اخرى امعنوا في نشر الخبر وحصد التعليقات الرافضة له، لكن المشكلة اكبر من تداولها وحملات التأييد للمطالبة بمعاقبة ذلك الضابط الذي إن صحت الواقعة حيث لايزال التضارب بالانباء يتواتر فإنه خروج عن كل الاعراف والقيم بمن فيها العشائرية التي تحولت هي الاخرى الى سيف مسلط على رقبة القانون. إن المشكلة هنا تتعلق بمجاميع تتصور نفسها اكبر من القانون ويمكنها ان تفعل ماتريد وترسم لنفسها شكل الخروج من اي مأزق تتعرض له، بقوة السلاح حينا والمنصب حينا اخر والعشيرة والاحزاب والمسؤولين احيانا اخرى! والنتيجة هو الاستهتار بارواح الناس وتراجع هيبة الدولة وقوانينها وقدسية العلم والعمل ايضاً..

قضية مثل هذه واقصد التعدي على مدرس في الحرم المدرسي، او حتى الطبيب في المستشفى والعيادة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة، مادام هناك تأجيج للغة السلاح وافلات المجرمين من اي رادع قانوني، وضياع هيبة الدولة التي نحاول جميعا التمسك بها بأعتبارها اخر الخيارات للبقاء بكرامة.. بالقدر الذي تحفظ فيه الحكومات مكانة المراة وقيمتها الحقيقية.
أين نحن اليوم من الوصف الذي أطلقه امير الشعراء احمد شوقي عندما شبه المعلم بالرسول وقال عنه في قصيده شهيرة يقول مطلعها..
، قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلا” ……” كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولا
لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي ” يـبني ويـنشئُ أنـفساً وعقولا؟

وها نحن في القرن الحادي والعشرين نقلل من قيمة المعلم ونحط من قدره الى هذا الحد، لااستطيع التخيل كيف ستتمكن تلك المديرة من معاودة نشاطها من جديد بعدما حصل امام طلبتها؟، ربما كان صعبا لكنه ليس اصعب بالتاكيد من مهمة تصحيح مسارات الخطأ في التعامل مع المدرس ومنحه الحقوق التي يستحقها بأعتباره قائدا للمجتمع وراسما لعقول اجيال قادمة نتطلع ان تتولى بناء البلاد من جديد، والاكثر اهمية هو الشروع بتصحيح التوجهات الخاطئة والافكار التي اجتاحت البعض بغلبة السلاح على لغة العدل والقانون، فعاثوا في الارض فسادا بما يشتهون.

كل مايحصل هو ثمار ضياع هيبة الدولة امام نفوذ الاخرين ,, واذا ارادت الدولة ان تحفظ نفسها من التراجع عليها محاسبة كل من يستخدم السلاح في غير مكانه وبلا وجه قانوني، واعادة هيبة المعلم والمدرسة بأعتبارهما الاكثر قداسة بعد بيوت الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *