“فساد” هدى عمّاش ! عدنان حسين

 

 

تعرّقت خجلاً أمس، بل اجتاحني شعور بالعار، وأنا اقرأ الخبر المنبئ بإصدار محكمة الجنايات المتخصّصة بقضايا النزاهة حكماً غيابياً بحقّ هدى صالح مهدي عمّاش، عضوة قيادة حزب البعث والمسؤولة في النظام السابق وعالمة الأحياء المجهرية، يقضي بسجنها مدة خمسة عشر عاماً، لتجاوزها على المال العام.

ما الذي فعلته “سيّدة الجمرة الخبيثة” لكي يدينها قضاؤنا ويحكم عليها بهذا الحكم الثقيل؟

معلوماتُ دائرةِ التحقيقات في هيئة النزاهة أفادت بأنّ عماش كانت أيام توليها منصب وكيلة لوزارة التربية قد استغلّت مركزها الحكومي واستحوذت من دون وجه حقّ على خمس سيارات حكومية نوع (بيك آب دبل قمارة) تعود ملكيّتها إلى وزارة. التربية.

الحكم القضائي لم يقتصر على السجن خمس عشرة سنة، بل ترافق أيضاً مع الحجز على أموالها المنقولة وغير المنقولة وإعطاءَ الجهة المُتضررة (وزارة التربية) الحق بطلب التعويض حال اكتساب القرار الدرجة القطعية.

تعرّقت خجلاً، بل انتابني الشعور بالعار، لأنّ نظامنا السياسي ممثلاً بهيئة النزاهة والسلطة القضائية لم يجد على واحد من الأركان المهمّين للنظام السابق غير الاستحواذ على خمس سيارات (بيك آب دبل قمارة)، فهذه “السرقة” تبدو الآن من الضآلة بمكان بحيث أنها لا توازي ما يسرقه شخص بالكاد يفكُّ الخطّ يعمل في “منصب”  عنصر حماية لوزير حالي أو عضو في مجلس النواب.

شخصياً أقبل، وبوسعي أن أزعم أنّ كلّ أفراد الشعب العراقي يقبلون مثلي بأن يستحوذ كل واحد من وزراء النظام الحالي ونوابه وزعماء الاحزاب المستحوذة على السلطة ومن هم في مناصب أدنى وحتى أفراد حاشياتهم، 100 سيارة من النوع الذي استحوذت عليه هدى صالح مهدي عماش.

لو اكتفى كبار مسؤولي دولتنا الحالية وأفراد حاشياتهم وقيادات الأحزاب الحاكمة بأن يكون مستوى فسادهم بمستوى “فساد” هدى صالح مهدي عماش، لكنّا الآن “بقمرة وربيع” كما كان يقول آباؤنا وأمهاتنا. فبالتأكيد ما كنّا بذلك سنكون في الحال ” المطيّنة” التي نحن عليها الآن، وما كان داعش قد نجح في خطف ثلث مساحة البلاد بمدنه الكبيرة وملايين سكانها في ظرف يومين وليلتين، وما كانت محنة السبي والاغتصاب والاستعباد واالنزوح المليوني والموت الجماعي المأساوي في سبايكر وغيرها قد حدثت، وما كان التردي في الحال الاقتصادية والمالية قد بلغ الدرك الراهن حيث تعجز الدولة عن دفع رواتب موظفيها وعمالها بالكامل وعن الاستثمار في أي قطاع منتج.

من يُقتع فَسَدة نظامنا بأن يتحكّموا بفسادهم ليبقى في مستوى “فساد” هدى صالح مهدي عماش أو حتى أكثر بمئة مرّة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *