العراق يعيد توزيع إرث التحالف الدولي.. الإنكليز يعودون من بوابة القيارة !

عراقيون / بغداد

بدأ العراق بإعادة ترتيب الأوراق مع القوى الدولية التي شاركت في التحالف الدولي، حيث بات لكل طرف نصيب من الإرث العسكري في البلاد. وبينما حصلت بريطانيا على قاعدة القيارة الجوية، تولت فرنسا مسؤولية ملف الرادارات، فيما بقي الغطاء الجوي بيد الولايات المتحدة، ونُقل ملف الدفاع الجوي (باتريوت) إلى كوريا الجنوبية.

هذه الترتيبات تثير تساؤلات حول الصفقة العراقية البريطانية التي بلغت قيمتها نصف مليار جنيه إسترليني، والتي تم توقيعها خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى لندن منتصف كانون الثاني. فهل هو مجرد توزيع جديد للنفوذ العسكري، أم أن العراق ينفذ نقلة استراتيجية نحو استبدال الحضور الأمريكي بالوجود البريطاني الأكثر هدوءاً؟

هدوء الإنكليز مقابل ضجيج الأمريكان

بحسب مصدر حكومي عراقي، فإن قاعدة القيارة الجوية أصبحت خالية من القوات الأمريكية منذ وقت مبكر، فيما يشير إلى أن بريطانيا تُعدّ خياراً أكثر قبولاً لدى العراق من الناحية السياسية والأمنية. ويصف المصدر الوجود البريطاني بأنه “أقل استفزازاً للجوار”، في إشارة إلى الحساسية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة، مقارنة بمرونة التعامل مع بريطانيا، التي لا تزال تحافظ على علاقات دبلوماسية مع طهران.

موقع استراتيجي وأبعاد إقليمية

من جانبه، يرى الطيار العراقي أحمد الشريفي أن القاعدة تمثل نقطة ارتكاز حساسة لبريطانيا، نظراً لقربها من كركوك، حيث يتمركز حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي ما زالت لندن تنظر إليه بصفته “حزباً شيوعياً”.

كما أن موقع القاعدة، الذي لا يبعد سوى 100 كلم عن الموصل، أربيل، كركوك، يمنح بريطانيا نفوذاً مباشراً في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العراق.

الشريفي يربط الوجود البريطاني في القيارة بخط أنابيب كركوك – حيفا، الذي توقف منذ احتلال فلسطين، مشيراً إلى إمكانية إعادة تشغيله بوجهة جديدة، تحت حماية القاعدة البريطانية الجديدة.

بريطانيا.. صمام أمان للعراق؟

في السياق ذاته، يشير مسؤول حكومي عراقي إلى أن بغداد تفضّل التعاون مع بريطانيا بدلاً من الولايات المتحدة، واصفاً الوجود البريطاني بأنه “صمام أمان” للعراق نظراً للعلاقة التاريخية بين البلدين، حيث لعبت بريطانيا دوراً محورياً في تأسيس الدولة العراقية الحديثة.

أما الخبير العسكري عدنان الكناني، فيؤكد أن التجربة العراقية مع البريطانيين كانت “أقل وطأة” من التجربة الأمريكية، معتبراً أن الإنكليز كانوا نبلاء مع العراقيين، على عكس الأمريكان.

بداية لمرحلة جديدة؟

مع هذه التغيرات، يبدو أن العراق يتجه نحو إعادة صياغة تحالفاته العسكرية، مستفيداً من التوازنات الإقليمية والدولية. فبينما يفضّل الأمريكيون أن يكون البريطانيون هم البديل في بعض المواقع العسكرية يراهن العراق على شريك أقل صخباً، وأكثر تماشياً مع مصالحه السياسية والاقتصادية.

ويبقى السؤال: هل يمهّد هذا التحول لبداية مرحلة جديدة من النفوذ البريطاني في العراق، أم أنه مجرد إعادة توزيع للأدوار داخل التحالف الدولي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *