سعد سعيد الديوه جي يكتب| نموذج من النفاق السياسي في تركيا

عراقيون| مقالات رأي
من المعلوم أن هنالك دوامة صراع على منصب الرئاسة في تركيا، بين معسكر السيد رجب طيب اردوغان من جهة والذي نقل تركيا خلال عقدين من الزمان من حال الى حال والذي ترك بصمات إسلامية على تركيا واضحة، ومعسكر التحالف الآخر الذي يتكون من ستة أشخاص يقف على رأسهم كمال كليجدار أوغلو ممثل حزب الشعب الجمهوري، الذ أسسه مؤسس الجمهورية التركية كمال أتاتورك بعد إنهيار الدولة العثمانية عام 1918م، وهذا الحزب تجاوز مرحلة العلمانية الى معاداة التقاليد والثقافة الإسلامية بكل وقاحة، وإلغائها بكل جوانبها وهو حديث ذو شجون، فمنع الأذن باللغة العربية ومنع الحج وأجبر النساء على خلع الحجاب، …الخ.

في هذه الدوامة يظهر السيد أردوغان في مشهد عتاب وحزن شديدين على مواقع التواصل الإجتماعي مشيراً وبدون أسماء الى بعض الساسة الذين كانوا معه ويسيرون في خطى حزب العدالة والتنمية وتبوؤا مراكز حساسة معه وهم يضعون أيديهم بيد خصمه كمال كليجدار أوغلو، وعلى رأسهم أحمد داؤد أوغلو.
ولسنا هنا في موقف للدفاع عن السيد أردوغان، فهذا تلاعب بالعواطف، ولكن عندما نأخذ تقييم مفكر كبير مثل السيد نعوم تشومسكي، وهو ذو ميول يسارية وأصول يهودية وأكثر الكُتّاب شهرةً في العالم، يكون لكلامنا موقع مُغاير، يقول تشومسكي في كتابه الصادر عام 2014 بعنوان “من يمتلك العالم؟”، إن تركيا في ظل أردوغان أصبحت الدولة الأهم في المنطقة (الشرق الأوسط)، وأردوغان الشخصية الأكثر شعبية بشكل لا يضاهى، وقد أخذ الأتراك دوراً بناءاً الى حد ما، في قضايا كثيرة، وهو الشخصية الشعبية الوحيدة الذي كان صريحاً وواضحاً في قضايا كثيرة، وهذا الإنطباع قبل أن تنجز تركيا إنجازات إقتصادية وعسكرية قبل تاريخ صدور الكتاب.

والآن لنرجع الى شخصية الدكتور أحمد داؤد أوغلو، الأستاذ الاكاديمي ومؤلف العديد من الكتب ومن أشهرها “العمق الاستراتيجي” وصاحب نظرية “صفر مشاكل”، ثم أصبح مستشاراً للرئيس أردوغان فوزيراً للخارجية ثم رئيساً للوزراء وزعيماً لحزب العدالة والتنمية، بعد أن أصبح السيد أردوغان رئيساً للجمهورية، وتخليه عن رئاسة الحزب.

إستقال السيد أحمد داؤد أوغلو من حزب العدالة والتنمية عام (2016م) بعد خلاف مع السيد أردوغان وأسس حزب “المستقبل” والذي لا يحظى الى حد الآن إلا بنسبة (1%) من الشارع التركي.

إن مصدر حزن السيد أردوغان، هو تعبير عن شعوره بالأسف على ضياع علاقة عميقة مع السيد أحمد داؤد أوغلو، الذي فتح له أبواب العدالة والتنمية، وبوءه أعلى المراكز في الدولة، لينقلب عليه ويكون حليفاً لواحد من أشد أعداء السيد أردوغان في المسائل العقائدية قبل السياسية!، ولا ننسى أن عام (2016م) هو العام الذي حدثت به المحاولة الإنقلابية.

لقد ذهب السيد أحمد داؤد أوغلو الى أعمق درجات النفاق السياسي عندما حاول أن يبرر دعوة كمال كليجدار في دعوته الطائفية، تبريراً لا يمكن أن يصدر من أكاديمي، قضى سنيناً طويلة مع السيد أردوغان وحزب العدالة والتنمية، فماذا نسمي هذا التحول، هل هو النفاق السياسي، أم أن غلطة الشاطر لا تغتفر؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *