ريان توفيق يكتب|نحو وعي جديد لزمن جديد( الإنجاز الوهمي )


عراقيون | مقالات رأي

تقع القطاعات المجتمعية في كثير من الأحيان تحت وطأة ما يمكن تسميته بـ ( الإنجاز الوهمي ).. إذ يظن الكثير أنه قد حقق إنجازا مبهرا على المستوى المعرفي أو الإصلاحي أو الخدمي أو الإداري .. الخ، والواقع خلاف ذلك .. وهذا الشعور بهذا النمط من الإنجاز يعد من العوامل المعيقة لأية نهضة حقيقية على المستويات المختلفة؛ إذ هو في واقعه نوع من التخدير الذي يحول دون الانتباه إلى الحقيقة.

ففي أحيان كثيرة يتصور الأستاذ في مستويات الدراسة المختلفة أنه يقدم منسوبا عاليا من المعرفة، في حين أنه واقع تحت وطأة (الإنجاز الوهمي )، إذ إنه لم يطور مهاراته التدريسية، ولم يراكم خلفيته العلمية؛ ولم يتعرف على الجوانب الرخوة في أدائه.

وكذا الحال مع الخطيب أو الواعظ الذي يتصور أنه يقدم خطابا وعرضا مبهرا للجمهور، والحقيقة أنه واقع تحت وطأة ( الإنجاز الوهمي )؛ إذ كل ما يفعله هو اجترار المضامين القديمة، والدوران في فلك الترغيب والترغيب فحسب، دون تأصيل وإقناع، فالخطاب في كثير من الأحيان هو هو على مستوى الشكل والمضمون.

وثمة ندوات ومحاضرات تعقد هنا وهناك، وأحيانا تحمل عنوانات كبيرة إلا أن الطرح لا يرقى إلى المستوى المقبول، فضلا عن ملامسة إشكالية البحث وحلحلتها، أو طرح رؤية جديدة مؤصلة .. حتى ليخيل إليك في بعض الأحيان أن هذه الأنشطة قد غدت من قبيل إسقاط الفرض، فلا هي معرفة أضافت، ولا مشكلة فككت.. والإشكالية الكبيرة عندما يتصور محاضرنا أنه قد أبهر عقول المتلقين بعرضه، وأسر قلوبهم بخطابه.

وثمة من يتصور بأنه قد غدا موسوعيا، فتراه يتناول أي موضوع، سواء أكان واقعا تحت دائرة اختصاصه، أو خارجا عنها، فتراه يتكلم في السياسة والاقتصاد والشريعة وسوى ذلك، ويعرض الحلول والمخارج من الأزمات والإشكاليات الفكرية والشرعية والفلسفية، وينتقد ما هو في حكم البديهي عند أهل التخصص، ويتصور أنه يقدم طرحا باسقا، لم ينتبه إليه الأولون والآخرون .. وفي الحقيقة أنه واقع تحت وطأة ( الإنجاز الموهوم ).

إن نظرة إلى الإنجازات الكبيرة التي يحققها العالم على الأصعدة المختلفة، ومحاولة الدخول إلى عالم اليوتيوب المليء بالمحاضرات لكبار الأساتذة الاختصاصيين في حقول المعرفة المختلفة التي تقدم منسوبا عاليا في على مستوى الأداء والمضمون، ومتابعة ما يصدر من مؤلفات لكبار المختصين في الفقه والفكر والفلسفة وسوى ذلك .. إن كل هذا ينبؤنا بأن العديد منا واقع تحت تأثير ذلكم المخدر المسمى ( الإنجاز الموهوم )، وما لم ننتبه لهذا الوهم فلا يمكننا دخول عصر جديد، وبناء حضارة ترقى بالإنسان على الصعد المختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *