سرمد كوكب الجميل يكتب: كيف نبعد السراق عما اعتادوا عليه.. ثقافة الامانة

ما ان التقيت بتاجر او بقال او صاحب متجر او صاحب عمل او رجل اعمال الا واشتكى من السرقة ويقول معظم الزبائن الذين نتعامل معهم سراق ولست معنيا بتوضيح مفهوم السرقة وهي تاخذ اشكالا متنوعة فالسارق والمسروق يتبادلان الادوار فتجدهم مهندسين وصيادلة واطباء واساتذة جامعة ومعلمين وموظفين او محامين او مهنيين او مزارعين فلاحين او عمالا او ربات بيوت او طلابا بعبارة مختصرة ان كل من تتاح له فرصة السرقة سرق،

فكيف يمكن تقويم هذه الظاهرة التي تقف معوقا امام تطور مجتمعنا؟ ذلك ان الكل تحجم عن العمل، وتحجم عن توسيع اعمالها والاستثمار فيها خوفا من السرقة علما بان هذه الظاهرة التي نجدها اليوم كانت في مجتمعنا، ولكنها لم تكن تشكل ظاهرة شائعة فيما تفاقمت وباتت ظاهرة عامة منذ ما يقرب من النصف قرن من الزمن، واليوم باتت معوقا وتحديا خطيرا وتكاد تغطي نسبة كبيرة من المجتمع.


كان معظم الناس يشاركون ويوكلون وينيبون بتعهدات شفهية او رسمية مكتوبة او غير مكتوبة فيما اليوم غابت كلها بسبب السرقة وكان الناس يتعاملون بالشيكات فغابت بسبب عدم الثقة والكل يعلم انه يا سارق يا مسروق ولا تجد من يساندك وياخذ لك حقك فكيف يمكن وقف هذه الظاهرة مجتمعيا.


نعلم بان بيئة الفساد تشيع فيها كل الموبقات ومنها السرقة، ولهذا يقع على المجتمع بكل افراده وتركيباته معالجتها ووضع الضوابط التي تحد من السرقة من المتجر الصغير الى اكبر مؤسسة وهذا يتطلب كلفا عالية غالبا لا تروق للكثيرين ومن هذه الضوابط وضع الكاميرات والشاشات والمراقبة وايضا الاستعانة بكتابة العقود والتعهدات ايا كانت وتصديقها ووضع النظم الكفيلة بضبط الكميات والاعداد والتفتيش والتدقيق والمحاسبة وتفعيل النقابات المهنية من خلال الرقابة على المهن بشرط ان تتمتع بالمهنية لكي تضبط وتحل الخلافات والمشاكل والنزاعات وقد يقول البعض لنبدا من العائلة واقول معظمهم سراق الاب والام والابناء فمن يعلمهم الامانة وصدق التعامل وعدم السرقة لا شك الضوابط هي من يجعل السارق يحجم عن فعله فلم يستطع السرقة في محل او مول او بقالة ولم يستطع سرقة زبائنه بالاسعار وسوء الاداء مما يعني وبمرور الزمن يقتنع الجميع بعدم القدرة على السرقة او تحمل عواقبها وهذا كفيل بان ينمي شعورا بان هناك ضوابط وحواجز تعيق السرقة ناهيك عن ان الضوابط تعلم الناس الامانة وتحمي الاموال والعمل وتحمي الفرد من ممارسة عادته التي اعتاد عليها بعد كل ذلك يقتنع الجميع بان من يضبط سارقا سيحاسب حسابا عسيرا وهنا ياتي دور الشرطة والامن والقضاء وهو الحلقة النهائية بعد ان يضع المجتمع وتركيباته كل الضوابط لحماية ماله وعمله باثباتات وبينات وهو دور المجتمع في اصلاح نفسه فاذا كان الحساب عسيرا كانت نتائجه امانة وصدق وعدم سرقة عندها ينعم للجميع بهذه النعمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *