زياد محمد السعدون يكتب: العراقيون شعب الصدفة

منذ عام ٢٠٠٣ والمواطن العراق المسكين يعيش كل تفاصيل حياته على لحظات ( الصدفة ) التي يمر بها في حياته اليومية وذلك لان العراقي عاطفي بطبعة ويفكر ويقرر بقلبه اكثر من عقله بسبب طيبة مشاعره التي توارثها ولطغيان هذه العاطفة على مجمل حياته فأنه ينسى ما يمر به بسرعة عجيبة فتراه يخترع النكتة والمزحة من اجل الخروج مما يعانيه من اوجاع .

وعندما نذكر ( الصدفة) التي يعيشها العراقي نذكر السنين العجاف التي يمر بها هذا الشعب المسكين على مدار اكثر من عقدين فقد عاش العراقيون ايام التفجيرات والرعب والقتل والطائفية والتهجير ولكنه وبعد استتباب الامن والحمدلله تناسى تلك الايام .

ولا يذكر ما يعانيه من قلة الخدمات سواء في الكهرباء والماء إلا في الصيف عند الحاجة لتلك الخدمة اما في باقي الفصول وخاصة الشتاء والربيع فأنه ينسى مشكلة الكهرباء وينسى مشكلة النفط والغاز ليعيش مأساتها في فصل الشتاء القارص عندما يجد نفسه وعائلته يرتجفون بردا” بسبب انخفاض درجات الحرارة وعدم وجود النفط لتدفئتهم .

ولا يذكر المواطن الفساد المستشري في الدوائر إلا اذا تابع قنوات الاعلام او عند مراجعته لاحدى الدوائر التي تعطل معاملته بالروتين القاتل تحت اشعة الشمس اللاهبه او برد ومطر الشتاء وهو محدوب الظهر اما شباك الموظف الذي لا يتجاوز ارتفاعه نصف متر عن الارض مع ازدحام كيبر عليه مما يضطر الى دفع الرشاوى او تعرضه للابتزاز من اجل اكمال معاملته التي تعتبر حق من ابسط حقوقه .
ومع ذلك فانه وبعد انجازه لها يرى انه حقق نصرا وتناسى معاناته فيها .

اما اذا كان لديه معاملة عند دائرة مثل التسجيل العقاري او المرور او الجوازات فلا بد له ان يأوي الى ركن شديد كضابط او منتسب او موظف في احدى تلك الدوائر من اجل انجاز المعاملة.
ولا يشعر بالظلم الذي كان يعيشه إلا بعد هجرته الى خارج العراق عندما لا يرى اي ازدحام او طلب الرشوى او الابتزاز عند مراجعة الدوائر ولا يعاني من اي نقص في توفر الخدمات الضرورية لحياة الانسان .

وكذلك نرى هذه الحالة عند ذهابك الى دوائر اقليم كردستان وخاصة دوائر المرور وما تقدمه من راحة وسرعة انجاز المعاملة للمواطن مع عدم المطالبة بأي ثمن مقابل تلك الخدمة .

فمتى تنتهي هذه الصدفة من حياتنا لنعيش اسوة بحال المواطن في الاقليم او دول الجوار التي في الاغلب تعيش على موارد العراق ولكنها توفر الخدمات لمواطنيها وتضرب لهم امثالا في العيش الكريم وتقول لهم ( لا نريد ان يصبح حال بلدكم كحال العراق ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *