محمد صالح البدراني يكتب: سد النهضة..رؤية لنزع فتيل الازمة

ماهية المشكلة


سد النهضة سد قريب من الحدود الاثيوبية السودانية، ويؤثر بشكل مباشر على الحياة والسكان في السودان ومصر ان حصل انهيار السد لأي سبب كان، فهو ممكن ان يتسبب بانهيار السدود التي تأتي في طريقه لتكون كارثة انسانية وابادة بشرية ؛ناهيك عن تشتيت حصص المياه ان ادير بشكل منفرد لا يلزم التعاون والتنسيق ايجابيات محتملة ومن جانب آخر ممكن ان ننظر الى الايجابيات في تنظيم المياه وتخفيف نسبة الغرين المندفع في النيل، وكذلك الضغوط على سعة الخزانات زمن الفيضانات العالية، لكن هذا وغيرها من الايجابيات خصوصا وانه سد لتوليد الكهرباء فان ما يخزنه سيطلقه تدريجيا اثناء عملية توليد الكهرباء، أي سيطلق ما يخزن حكما كل هذا يعد ايجابيا، اما ان يقال ان هذه المياه ستباع لمن يطلبها فهذا تجاوز على ما هو معروف من القوانين والاعراف الدولية، فاسفل السد مياه عابرة الى دول اخرى ليست موضوع مباحثات او حديث.


هل الحرب حل:


ما دفعني للكتابة تصريح العضو السابق في مباحثات سد النهضة حول تأزم الموقف وانغلاق الطرق، واحساسنا بان الامر جد خطير، بتعميق النظرة السياسية والتدخلات الدولية التي لها اطر متعددة.
الحرب ليست حلا ولا هذا التحريض عليها من خلال ما يتداوله الاعلام من اجابات عدمية من اطراف المشكلة وهو امر يثير القلق ان لا يتعلق الامر بدول الحوض وحدها، لا أستطيع تحديد هذا لكنها امور واضحة من الاستفزاز الكلامي الغير مبرر لبلدين يتعرض استقرارهما الى وضع حرج ويحتاجان لوقت للاستقرار.


ما هو الحل اذن:


1- ضمان اثيوبيا امان السد تصميما وتحملا ….. وانه لن يؤثر على سلامة الشعب السوداني او المصري وذلك بتقديم نموذج رياضي بإشراف دولي فني ومن منظمة الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي والاتحاد الافريقي لسيناريوهات متعددة لانهيار السد وحركة المياه وتأثيراتها على سدود السودان والسد العالي في مصر وبمتعدد درجات امتلاء السدود ومدى الخسائر التي قد تسببها ومدى تحمل اثيوبيا لنتائجها وتتعهد به دوليا.


2- ان ثبت امان السد فبالإمكان اقتراح ادارة مشتركة تضامنية او تعاونية او بصيغة ما خصوصا في متابعة اجهزة التحسس في السد ومحيطه والتغيرات التي تحصل عليه، وتنظيم الاطلاقات والخزن في سدود قائمة او تقام في مصر والسودان، وادارة هذا الامر سهلة جدا مع التطور التقني وبجداول اطلاقات معروفة في هذه الصناعة عالميا.
3- اقامة مشاريع مشتركة تفيد من الاطلاقات للسد حتى عند ايقاف الكهرباء لأي سبب والاستفادة من احياء الاراضي السودانية للزراعة بمشاركة مصرية واثيوبية وفق اتفاق شراكة وبهذا يحقق السد امرا ايجابيا في الاكتفاء الذاتي نسبيا.


كيف يصبح هذا ممكنا:


من المؤكد ان هذا سيتطلب ايقاف العمل في السد لمدة سنة او أكثر، وهنا تتعرض الشركات العاملة والموظفين الأثيوبيين الى مشكلة الرواتب والاجور التي يتقاضونها، فليس ايقاف العمل مدة الاتفاق مسالة يمكن ان تتحملها اثيوبيا وحدها فهذا ناهيك عن المخاطر الفنية وتأخير برنامج الاملاء فهو ينعكس عليها وعلى العاملين في المشروع بشكل جدي.


فلابد من تضامن دولي مع الموضوع وهنا بالذات يأتي دور فاعل للمنظمات الدولية في انشاء صندوق تجمع به الاموال وتأخذ مكان البنك المزود لرواتب العاملين لتستلم قوائم الرواتب الشهرية وتقوم بصرفها اصوليا.


ان هذا السد الحدودي استراتيجيا مؤثر على السلم في المنطقة ويقتضي فاعلية فنية وعلاقات دولية راقية لدراسة الامور ووضع الخطط لتجاوز السلبيات وتحويلها الى ايجابيات ولا تكفي الدراسة البيئية المعتادة لهكذا مشاريع.


هذا المقال اعرضه على من يهمه الامر من رؤساء الدول الثلاث ووزرائهم للموارد المائية، وللجامعة العربية، والتعاون الاسلامي فلا يمكن ان نبقى متفرجين ونحن لم نسمع حلولا بهذا الاتجاه، وهو ما نراه واجبا باتجاه السلم العالمي المتأثر بالسلم في المنطقة؛ آملين ان تكون مفيدة للأطراف المعنية فالأمر يهمنا جميعا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *