العمود الثامن : مدحت المحمود يحارب الفساد !!! بقلم : علي حسين رصد عراقيون

المشكلة الكبرى في هذه البلاد ان الجميع يتحدث بالقانون ، لكنه يرفض التمييز بين العدالة والسفالة ، وفي الدول العادية يكون القضاء سيفا قاطعا لمحاربة الجريمة المنظمة. أما في بلاد ” ماجد النصراوي ” فأكثر ما يخشاه مواطن مثل ” جنابي ” هو الوصول إلى القضاء والمثول أمامه، لانني لست ُصاحب نفوذ وقوة وسلطان ، اما الحق وطلب العدالة ، فهذه اصبحت من الكماليات .

بالامس قضت المحكمة الاتحادية برئاسة القاضي مدحت المحمود ، الغاء القرار المرقم 120 لسنة 1994 ، ماذا كان ينص هذا القرار ، حتى وجد فيه السيد مدحت المحمود انه غير انساني ويتعارض مع حقوق الانسان ؟ ، كان القرار120 لسنة 1994 ، يقضي بعدم اطلاق سراح المحكوم عن جرائم الاختلاس او سرقة اموال الدولة ، بعد قضاءه مدة الحكم مالم تسترد منه هذه الاموال .
ومن المثير للعجب ان الذي قدم طلب الغاء هذا القرار ، هو المدعي العام العراقي لان القرار حسب رأيه ، وهو رجل مؤمن وتقي يخالف الشرع ، وايضا اكتشفنا ان المدعي العام من دعاة المدنية على طريقة سليم الجبوري ، ومثل هكذا قرارات تسترد بها اموال الدولة المنهوبة ، تعد تعدياً على الحقوق المدنية ..ياسلام يامدعي !! هذه المرة الاولى نجد فيها مدعي عام يدافع عن السارق ويسخر من المنهوب !!.
وقد سمعنا بأحكام كثيرة من هذا النوع، لكن بمثل سذاجة وسطحية هذا القرار لم يسمع أحد. لكن هذا هو حال العراق الغارق اليوم في صراعات سياسية بليدة ، فيما البلد في أشد لحظاته خطرا. وإذ يختلط القضاء بالضحك ، نرى في هذه البلاد من يسرق 30 مليار يحكم بالسجن المخفف سنة او سنتين ، ومن يسرق علبة كلينكس يجرم بالحبس الشديد عشرة اعوام .
عندما عين (لي كوان) رئيسا لوزراء سنغافورة عام 1965 ، كان في الاربعين من عمره، وبعد عامين رفع شعار من اجل حكومة نظيفة : “لقد عانينا من انتشار الفساد والطمع بين عدد كبير من المسؤولين، فالمناضلون من اجل الحرية لشعوبهم تحولوا الى نهابين لثرواتها، ولهذا حرصت من اول يوم توليت فيه السلطة على اخضاع كل دولار من الايرادات العامة للمساءلة، والتأكد من انه سيصل الى المستحقين من القاعدة الشعبية دون انه ينهب في الطريق”.
لماذا أصبحنا ياسادة دولة يعيش نصف مواطنيها تحت خط الفقر في الوقت الذي ينافس فيه سياسيونا على قوائم أغنياء العالم؟
لم يعد أحد يسأل لماذا أصبح الفساد جزءا من لحم الدولة وشرايينها، لم يعد احد يسأل من أين جاءت نائبة بكل الأموال التي تتيح له افتتاح فروع لحزبها في جميع المحافظات ، لا يوجد اليوم من يسأل السياسيين كيف تضخمت ثرواتكم؟
كانت مشكلة بعض مدعي السياسة العثور على سكن مناسب وإذا بهم اليوم بعد دخول الحكومة والبرلمان يملكون القصور والشقق في لبنان ودبي ولندن.
يعلمنا ” لي كوان ” أن مقياس الإنجاز ليس ابتداع الألفاظ والقاء الخطب، بل مشاريع التنمية والتطوير والرفاهية، وبعد 14 عاما لم نجد في العراق سوى غبار سياسي يغطي كل دروب البلاد.
يصر القضاء على ان يخيب أمال الناس ، لان المحكمة الاتحادية تصر ان تلعب دور الكومبارس في مسرحيات ساذجة ، عن العدالة والحقوق المدنية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *