مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل خطة وبرنامج متكامل ينتظر التنفيذ

مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل خطة وبرنامج متكامل ينتظر التنفيذ

*سرمد كوكب الجميل

عندما صدر مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل القديمة سنة 2008 من قبل شركات عالمية تعنى بالمدن القديمة وبمشاركة مكتب دار العمارة للمهندس المعماري هشام المدفعي وبتمويل من وزارة البلديات وباشراف مديرية التخطيط العمراني بدأت بلدية الموصل ومديرية التخطيط العمراني وبتوجيه من المحافظة بدراسة المشروع والبدء بالتنفيذ، وقد واجه الكثير من المعوقات والمشاكل وحينها قلت لهم ما نصه :

” إن مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل القديمة لم يكن من مبادراتكم بل من مبادرات الوزارة والتخطيط العمراني ولم تدفعوا دينارا واحد بل مول المشروع من وزارة البلديات مما يعني انه فرصة ذهبية لمدينة الموصل وأن كل إمكانيات الموصل الهندسية والحضرية لو اجتمعت غير قادرة على إعداد مثل هذا المشروع أو أن تقدم خيارا أفضلا منه بدلالة أننا لم نشهد مثل هذه المبادرة من قبل أي مؤسسة في الموصل والأهم من ذلك أنه يجمع بين الهندسة والاقتصاد والمجتمع ضمن دراسات التخطيط الحضري للمدينة وإعادة تنشيط فعالياتها الاقتصادية والتراثية والسياحية والاجتماعية، مما يلزمنا التمسك به كحد أدنى وخيار لا بد من تنفيذه” .

وقد استمر العمل ضمن لجان متخصصة ما يقرب من ثلاث سنوات لغاية سقوط المدينة بيد الإرهاب، علما بأن بداية التنفيذ كان شارع سوق الحبالين كونه يربط باب الجسر بباب الطوب وكان تنفيذا مباشرا من قبل البلدية بتصاميم رائعة مزجت بين المرمر والخشب والقرميد بمظهر تراثي ومضمون معاصر ومن ثم وضعت الخطط ، لمجاري المدينة القديمة وكيفية ربطها بمنظومة مجاري الساحل الأيمن ومن ثم شارع الفاروق وشارع النبي جرجيس وساحة البلدية القديمة .

وقد حضي المشروع بدعم كبير من المحافظة والبلدية والجامعة وكانت الهيئة المشكلة تضم أعلى الخبرات ممن يؤمنون بالمشروع ويؤمنون بجدواه في تشغيل الموارد من خلق فرص عمل للشباب وفتح آفاق للتطوير والمحافظة على المدينة القديمة ليس من باب كونها متحفا وإنما من خلال كونها مدينة حيوية عمرها آلاف السنين وبطراز فريد من نوعه في شبكات معقدة من الأزقة وأنها تضم أقدم الكنائس والبيع والجوامع في العراق وأنها تعد أكبر مدينة قديمة في العالم تصل مساحتها إلى أربعة كيلومترات مربعة وأنها قائمة على ثلاث مدن تحتها مما يعني هناك مخزون أثري يرقد تحت المدينة القديمة لا يقدر بثمن .

فكان التحدي الأكبر كيف يمكن إعادة تنشيط هذه المدينة ضمن منظور معاصر أسوة بإشبيلية وحلب ودمشق واسطنبول وماردين والقاهرة وفاس وغيرها من المدن القديمة التي ما زالت حية نشطة تمارس دورها الحضاري .

ومن يتحدث غير ذلك أقول له ، لقد ارتكبت جرائم بحق المدينة القديمة خلال القرن العشرين حين هدم جسرها الحجري الذي يعود للقرن السابع عشر وثكنتها الحجرية التي تعود للقرن الثامن عشر وسورها وغيرها من المعالم ولم يبقَ إلا أزقتها بعد تدمير كنائسها وجوامعها ومناراتها وخاناتها وقيصرياتها ويبدو لي بأن الهدف تلك البانوراما المندرسة المطلة على دجلة اما باقي المدينة القديمة فلتذهب إلى الجحيم مع أهلها مما يعني أن من يهمه أمر المدينة القديمة فليعود لبلدية الموصل ومديرية التخطيط العمراني وليبدأ بتنفيذ مشروع التجديد الحضري لمدينة الموصل القديمة وقد ضرب لنا الموصليون مثالا رائعا خلال السنتين الماضيتين في إعادة بعض الخانات والجوامع بشكل عصري وإعادة الكثير من القيصريات في سوق العطارين والبزازين وباب الطوب وليسقط المثل القائل كل اللعب على العرموط .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *