العِفَّة الوطنيّة

 

علي حسين

 

سنُصاب بالصدمة أنا وحضرتك عزيزي القارئ ، لو أننا سمعنا أو قرأنا أنّ أحد السادة الوزراء ،  قضى شطراً من الليل وهو يجلس أمام قاضي التحقيق يسأله من أين لك هذا؟  ، وسيتمكن داء الهلوسة من  السيطرة على عقولنا ، لو أننا  شاهدنا قاضياً عراقيّاً يقول لمسؤول كبير قراراتك خاطئة . هذه العفّة الوطنية لانعرفها في هذه البلاد .

إذا كان هناك ما يجب أن نعرفه ، فهو حكاية الرئيس  الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ، الذي أمضى ليلته يخضع لتحقيق قضائي ، يتعلق بتورط حزبه  بإخفاء التكلفة الحقيقية لحملة الانتخابات الرئاسية  ، التي خسر  بها ساركوزي عام 2012 ، والقاضي يريد أن يعرف هل ساركوزي على علم بهذا ” الاحتيال ”  .

والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة ، ماذا جرى للمسيو ساركوزي ، لقد أعلن انسحابه من الحياة السياسية بشكل نهائي ، وذهب ليجلس في البيت .

وفي بلاد أخرى  ، لم يعثر دونالد ترامب، الذي يخشاه العالم هذه الايام  على أيّ اتهام سياسي يوجهه  للقاضي جيمس روبارت، الذي أصدر حكماً بإبطال قرار منع مواطني سبع دول إسلامية من دخول أميركا ، فذهب الرئيس المنفعل الى تويتر لكي يسخر من القاضي ، لكنّه لم يتمكن من تعطيل قرار القضاء !

القاضي الذي أغضب ترامب قال للصحافة إنّ  وظيفة  القاضي  أن يؤمّن العدالة للناس العاديين، وأن تكون المحاكم ملجأ للضعفاء، يشعرون فيها بأنهم في ظلّ حماية القانون.

هل نستطيع أنا وأنت عزيزي القارئ أن نسأل النائبة حنان الفتلاوي : من أين لها كل هذه الاموال التي تمكّنها من فتح فروع في معظم المحافظات ، وتغطية مصاريفها ورواتب العاملين فيها وما يبذخ على المؤتمرات   الانتخابية ؟ مجرد سؤال بريء ولوجه الله ، لأنني أعرف حتماً ان قيمة السيدة الفتلاوي السياسية  ، أهم بكثير من قيمة ساركوزي ، فهي حاجّة ومُؤمنة  ، وهو رجل بصّاص ” بتاع نسوان “!

هناك أمر ربما سيثير إعجابكم حتماً ، السيد وزير التربية محمد إقبال ، استبدل حملة كتاب دراسي لكلّ تلميذ إلى حملة ” قنينة ماء لكلّ مواطن ”  وأعتقد ” رعاه الله ” أنّ  شعار ” ما نعطش ” يمكن ان يكون بديلا لشعار ” لا للأُميّة ”  !

وفي هذه البلاد أيضا يعتقد البعض أنّ العفّة تتعلّق بالنساء فقط  ،  وقبل أن يسألني أحدكم لماذا ترفضون معشر المدنيين  الاحتفاء بيوم تُعلى فيه قيم العفاف والعفة؟  دعوني أسالكم هل ينتمي أولئك الذين يسرقون أموال وأحلام العراقيين ومستقبلهم إلى القيم والمثل العليا التي جاء بها الإمام الحسين وشقيقته السيدة زينب ” ع” ؟ هل يستطيع من يدَّعون حُبّ آل البيت  بالوصول ولو قليلا إلى خصالهم وفضائلهم، الجواب أتركه لجنابكم أعزائي القرّاء .

كان ديغول يقول : إذا أجبرتني السياسة أن أختار بين خيانة وطني ، وخيانة الناخبين ، سوف أخون الناخب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *