الأزمة الأميركية الصينية تتفاقم بعد رصد منطاد ثان ’للتجسس’ في أميركا اللاتينية

عراقيون / أعلنت وزارة الدفاع الأميركية مساء أمس الجمعة (الثالث من شباط/ فبراير 2023) أنّ منطاد تجسّس صينيًّا ثانيًا يُحلّق فوق أمريكا اللاتينيّة، بعد رصد منطاد أوّل في أجواء الولايات المتحدة في اليوم السابق.  
 

وقال المتحدّث باسم البنتاغون بات رايدر في بيان: “نحن على علم بتقارير عن منطاد يحلّق فوق أميركا اللاتينيّة. نعتبر أنّ الأمر يتعلّق بمنطاد تجسّس صيني آخَر”، من دون أن يحدّد موقعه بدقّة.   

وأرجأ وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة زيارة لبكين بعدما رصدت الولايات المتحدة في أجوائها المنطاد الصيني الأوّل الذي تشتبه في أنّ أغراضه تجسّسية، وهو اتّهام نفته بكين مبديةً “أسفها” لهذه الحادثة “غير المقصودة”.   

واعتبرت بكين اليوم السبت (الرابع من شباط/ فبراير 2023) أنّ وسائل الإعلام والسياسيّين في الولايات المتحدة يستغلّون المزاعم الأميركيّة حول إطلاق منطاد تجسّس صيني فوق الأراضي الأمريكيّة. وقالت وزارة الخارجيّة الصينيّة في بيان صدر بعد إرجاء بلينكن زيارةً مقرّرة لبكين، إنّ “الصين… لم تنتهك أبدًا أراضي ومجال أيّ دولة ذات سيادة”، مضيفة أن “بعض السياسيّين ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة استخدموا الحادثة ذريعةً لمهاجمة الصين وتشويه صورتها”.   

وكانت الصين أصدرت في وقتٍ سابق بيانًا ألقت فيه اللوم على الرياح في دفع ما وصفته بأنّه منطاد مدنيّ إلى المجال الجوّي الأمريكي. وكانت إدارة بايدن ندّدت بما وصفته بأنه “منطاد مراقبة” حلّق في وسط الولايات المتحدة. وعلى وقع ضغوط يمارسها الحزب الجمهوري، أرجأ بلينكن زيارته للصين، علمًا بأنه كان مقررًا أن تبدأ غدا الأحد.   


“انتهاك واضح”   


وفي اتّصال مع نظيره الصيني وانغ يي قال بلينكن إنّه “أخذ علماً بمشاعر الأسف التي أعربت عنها الصين، لكنّه أشار إلى أنّ هذا عمل غير مسؤول، وانتهاك واضح لسيادة الولايات المتحدة والقانون الدولي، يقوّض الغرض من الرحلة”، وفق الخارجيّة الأمريكيّة. وشدّد على أنّ الولايات المتحدة تأمل في “إبقاء قنوات الاتّصال مفتوحة” مع بكين، مشيرًا إلى أنّه قد يتمكّن من زيارة بكين مجدّدًا “حين تسنح الظروف”. وقال مسؤول أمريكي رفيع إنّ حادثة المنطاد “كانت لتحُدّ بشكل خطير من برنامج المحادثات، في ما لو بقيت الزيارة في موعدها”.   

وكانت جولة بلينكن ستشكّل الزيارة الأولى لوزير خارجيّة أميركي إلى الصين منذ 2018. وكان هدفها تخفيف التوتّر بين الولايات المتحدة والعملاق الآسيوي الذي تعتبره واشنطن منافسها الرئيسي في العالم. وكان بلينكن أشار الشهر الماضي إلى أنّ الزيارة ترمي إلى منع تحوّل التوتّر في العلاقات إلى نزاع مفتوح.   

وكان البنتاغون أعلن الخميس أنّه يتعقّب تحرّكات منطاد تجسّس صيني يحلّق على ارتفاع شاهق فوق الولايات المتحدة، ويشمل ذلك مناطق تضمّ مواقع عسكرية حسّاسة. وبناء على طلب بايدن، بحث البنتاغون في إمكان إسقاط المنطاد، لكنّه قرّر في نهاية المطاف عدم فعل ذلك بسبب المخاطر التي يشكّلها تساقط الحطام على الناس، بحسب مسؤول دفاعي كبير.   


“معلومات ومواقع حساسة”   


وأضاف المسؤول “نتخذ خطوات لحماية أنفسنا في مواجهة عملية جمع معلومات حساسة”، مشددًا على “القيمة المحدودة للمنطاد لناحية جمع معلومات استخبارية”، وتابع “اعتبرنا أنّ المنطاد كبير بما يكفي ليتسبب الحطام بأضرار” إذا أسقِط في منطقة مأهولة.   

والجمعة أوضح المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية للصحافيين أنّ “المنطاد يتّجه شرقًا وموجود حاليًا فوق وسط الولايات المتحدة”. وأكّد أنّ المنطاد حلّق على ارتفاع 18 ألف متر فوق مستوى سطح البحر ويُتوقع أن يبقى فوق الأراضي الأميركية “بضعة أيام” إضافية. وجدّد المتحدّث القول إنّ المنطاد يحلّق أعلى من مستوى الحركة الجوية التجارية، ولا يشكّل “أيّ تهديد عسكري أو جسدي لمن هم على الأرض”. بحسب وسائل إعلام أمريكية، حلّق المنطاد فوق جزر ألوشيان في شمال المحيط الهادئ، ثم مرّ عبر الأجواء الكندية قبل أن يدخل الأجواء الأمريكية قبل يومين.   

في أوتاوا، أعلنت الحكومة الكندية الجمعة أنّها تحقّق في “واقعة محتملة” من هذا القبيل. وأكدت وزارة الدفاع الكندية أنّ “الكنديين في أمان وكندا تتّخذ التدابير لضمان أمن مجالها الجوي بما يشمل تتبّع حادث ثان محتمل”. ولم تذكر كندا الصين. وأضافت الوزارة “وكالات الاستخبارات الكندية تعمل مع شركائها الأميركيين وتواصل اتخاذ كلّ التدابير اللازمة لحماية كندا من تهديدات تجسّس أجنبي”.   

وقال مسؤول دفاعي أميركي “واضح أنّ القصد من هذا المنطاد هو المراقبة، ومساره الحالي يقوده فوق عدد من المواقع الحساسة”، خصوصًا قواعد جوية ومخازن صواريخ استراتيجية في ولاية مونتانا في شمال غرب الولايات المتحدة.   


ضغوط على بايدن   


وأشار المسؤول إلى أن المنطاد دخل المجال الجوي الأميركي “قبل أيام عدة”، مضيفًا أن الاستخبارات الأمريكية كانت تتعقبه قبل ذلك بفترة طويلة وأن هذه ليست أول مرة يرصد الجيش الأميركي خرقًا مماثلًا. لكن هذه المرة بقي المنطاد في المجال الجوي للولايات المتحدة فترة أطول. وطبقاً للمسؤول العسكري نفسه، اقتربت طائرات مقاتلة من المنطاد فوق مونتانا.   

واستنكر رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي مساء الخميس “العمل المزعزع للاستقرار” الذي تقوم به الصين و”يتجاهل بلا خجل سيادة الولايات المتحدة”. ودعا مكارثي بايدن إلى “عدم التزام الصمت”، مطالباً الإدارة بإبلاغ أعضاء الكونغرس بتفاصيل ما يحصل.   

وفي بيان مشترك قال البرلماني الجمهوري مايك غالاغر وزميله الديمقراطي وراجا كريشنامورثي اللذان يرأسان لجنة برلمانية حول الصين إنّ “هذا الانتهاك للسيادة الأميركية قبل أيام فقط من زيارة وزير الخارجية بلينكن للصين، يُظهر أنّ الدلائل الأخيرة على الانفتاح” من جانب بكين “لا تعكس تغييراً حقيقياً في السياسة” الصينية.   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *