فاتح عبد السلام يكتب |العِبرة من العبّارة

العباّرة‭ ‬النهرية‭ ‬التي‭ ‬غرق‭ ‬في‭ ‬انقلابها‭ ‬امام‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مائتي‭ ‬مواطن‭ ‬عراقي‭ ‬في‭ ‬دجلة‭ ‬بالموصل،‭ ‬تمر‭ ‬ذكراها‭ ‬الرابعة‭ ‬او‭ ‬الخامسة‭ ‬او‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدبّر‭ ‬العبرة‭ ‬او‭ ‬استيعاب‭ ‬الدرس‭. ‬وهنا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬العبرة‭ ‬في‭ ‬تأمل‭ ‬الاقدار‭ ‬وفلسفة‭ ‬الحادث‭ ‬والبكاء‭ ‬على‭ ‬الضحايا،‭ ‬وانما‭ ‬في‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬انقاذ‭ ‬الأرواح‭ ‬التي‭ ‬جرفتها‭ ‬مياه‭ ‬دجلة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬للمدينة،‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬زوارق‭ ‬انقاذ‭ ‬او‭ ‬مفارزة‭ ‬متخصصة،‭ ‬وان‭ ‬الشرطة‭ ‬النهرية‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬عنوان‭ ‬بزورق‭ ‬واحد‭ ‬متعب‭ ‬وغير‭ ‬مؤهل‭ ‬لعمليات‭ ‬الإنقاذ‭.‬

‭ ‬ليس‭ ‬كبيراً‭ ‬او‭ ‬كثيراً‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬لمدينة‭ ‬ومحافظة‭ ‬تعد‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين،‭ ‬اسطول‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬الزوارق‭ ‬والمراكب‭ ‬النهرية‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ثلاثين‭ ‬أو‭ ‬أربعين‭ ‬كمرحلة‭ ‬أولية،‭ ‬لحين‭ ‬تأسيس‭ ‬أركان‭ ‬ومستلزمات‭ ‬هيئة‭ ‬نهرية‭ ‬تضم‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬والشرطة‭ ‬والوزارات‭ ‬المعنية‭ ‬بالأنهار‭. ‬هذه‭ ‬الزوارق‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نافذة‭ ‬استثمارية‭ ‬للسياحة‭ ‬عبر‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬تأسيس‭ ‬الشركات‭ ‬النهرية‭ ‬للجولات‭ ‬السياحية،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬تنخرط‭ ‬الى‭ ‬جهود‭ ‬الطوارىء‭ ‬اذا‭ ‬لزم‭ ‬الامر‭.‬

‭ ‬سمعت‭ ‬سياسيين‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الحزين،‭ ‬تحدّثوا‭ ‬عن‭ ‬تبرعات‭ ‬في‭ ‬اهداء‭ ‬الموصل‭ ‬زوارق‭ ‬نهرية،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬ترى‭ ‬المدينة‭ ‬شيئاً‭. ‬ولا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬كذبهم،‭ ‬فقد‭ ‬كذبوا‭ ‬في‭ ‬الأكبر‭.‬

‭ ‬الهيئة‭ ‬النهرية‭ ‬المقترحة،‭ ‬تتولى‭ ‬أموراً‭ ‬كثيرة،‭ ‬ومنها‭ ‬أزمات‭ ‬الفيضان‭ ‬التي‭ ‬تدهم‭ ‬الموصل‭ ‬وضواحيها‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى،‭ ‬كما‭ ‬تستطيع‭ ‬الهيئة‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬مجالا‭ ‬للدراسات‭ ‬المهرية‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬الموصل،‭ ‬وان‭ ‬تكون‭ ‬جسر‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬سد‭ ‬الموصل‭ ‬القريب‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬بوابات‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬الجفاف‭ ‬وانحسار‭ ‬النهر‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الكميات‭ ‬المنسابة‭ ‬من‭ ‬السد‭ ‬الى‭ ‬النهر‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬الذروة‭ ‬المائية‭. ‬

يجب‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬للهيئة‭ ‬أرقام‭ ‬طوارئ‭ ‬خاصة‭ ‬للاتصالات‭ ‬العاجلة‭ ‬والاستفسارات‭ ‬المعنية‭ ‬ومفارز‭ ‬مستنفرة‭ ‬وخافرة‭ ‬دائماً،‭ ‬لكي‭ ‬يعرف‭ ‬المواطن‭ ‬اين‭ ‬يجدها‭ ‬عند‭ ‬مواجهة‭ ‬حالة‭ ‬طارئة،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬تسخير‭ ‬جانب‭ ‬من‭ ‬الاعلام‭ ‬للتوعية‭ ‬والارشاد‭ ‬بدل‭ ‬ان‭ ‬يستهلك‭ ‬ذلك‭ ‬الاعلام‭ ‬أموالاً‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬تلميع‭ ‬شخصيات‭ ‬إدارية،‭ ‬ليس‭ ‬أكثر،‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬آخر‭ ‬للفساد‭ ‬المُقنّع‭.‬

الأمور‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مجرد‭ ‬وقفات‭ ‬للتذكر‭ ‬والحزن‭ ‬واجترار‭ ‬الفواجع،‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬الفواجع،‭ ‬وانما‭ ‬نحتاج‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬تكشف‭ ‬محافظة‭ ‬نينوى‭ ‬عن‭ ‬إنجازاتها

‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬والاحتياطات‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الفاجعة،‭ ‬لتدارك‭ ‬اية‭ ‬مصيبة‭ ‬نهرية‭ ‬محتملة،‭ ‬وان‭ ‬يكاشف‭ ‬مجلس‭ ‬المحافظة‭ ‬أهالي‭ ‬المدينة‭ ‬بما‭ ‬جرى‭ ‬عمله‭ ‬وان‭ ‬تتم‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬أسئلة‭ ‬تخص،‭ ‬هل‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬موازنة‭ ‬لهكذا‭ ‬أمور‭ ‬احتياطية‭ ‬ام‭ ‬انّ‭ ‬الوضع‭ ‬لايزال‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬كتابنا‭ ‬وكتابكم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *