زياد محمد السعدون يكتب: واردات هائلة و موازنات خاوية

في بلد ينتشر فيه الفساد منذ ما يُقارب العشرون عاماً وبإعتراف ساسته الذين يحكمونه تم هدر مئات المليارات من الدولارات كان من الممكن لو تم استثمارها بشيء يخدم البلاد والعباد لكان سكان العراق الان في مصافِ الدول التي يشار اليها بالبنان في كافة المجالات وخاصة بناه التحتية.

ومرّ عام ٢٠٢٠ بكل وارداته ولم يقر فيه قانون للموازنة ولا يعلم الشعب الذي هو مصدر السلطات اين ذهبت واردات البلد ولم نرى إقامة أيّ مشروع ظاهر للعيان بإستثناء توزيع الرواتب.

وبالرغم من صعوبة الوضع الاقتصادي في ظل جائحة كورونا وانخفاض اسعار النفط كان لابد للحكومة من تشريع قانون الموازنة لضمان معرفة الواردات والمصروفات وحساب الدخل ومدخلاته وكذلك معرفة المصروفات من اجل الوقوف في نهاية السنة المالية على معرفة صافي الدخل ووضع الميزانية هل هي في عجز ام فائض ولكن مع الاسف الشديد مرّ عام كامل بكل (موارده ولم يُشمل بقانون موازنة تُبين حقيقة اوجه  الصرف فيه واليوم تتنافس الكتل فيما بينها ومنذ اشهر عدّة من اجل ضمان مغانمها فى موازنة ٢٠٢١ وتتبادل كل الجهات السياسية الاتهامات فيما بينها متناسية هموم الشعب ومعاناته الاقتصادية التي وصل فيها مستوى الفقر الى اكثر من 30 % بين ابناء هذا البلد وبالرغم من اعتراف الحكومة ( صراحة) بوجود عدد هائل من الفضائيين الذين يتقاضون رواتب ترهق كاهل الميزانية وكذلك مزدوجي الرواتب و سفارات وقنصليات يُصرف عليها ملايين الدولارات سنوياً وهي وهمية الاّ اننا نتفاجئ بردة فعل الحكومة تجاه هذه الاعمال ولم نرى اي تحرك قاسي وسريع تجاهها يوقف هذا الهدر بالمال العام ويعيد لخزينة الدولة الاموال المنهوبة جراء تلك الاعمال الفاسدة.

وقد استطاع العراق ومنذ عام ٢٠٠٤ من الحصول على واردات هائلة من بيعه للنفط الذى يعتبر المصدر الاساسي لتمويل الموازنه وقد وصل مجموع تلك الاموال الى اكثر من٢٠٠٠ الفي مليار دولار لغاية عام ٢٠٢٠ و لم تُستثمر تلك الاموال في بناء نهضة اقتصادية شاملة للعراق  يستطيع من خلالها تعديل ميزانه التجاري وتقليل الاعتماد على النفط في تمويل الموازنة وتعظيم وارداتِه من مجالات اخرى مثل الزراعة والصناعة وغيرها من الموارد .

الا ان التخطيط الفاشل وسوء الادارة ادى في النهاية الى خزينة خاوية ودولة لاتستطيع رفع رواتب موظفيها ولجأت الى الاقتراض الخارجي والداخلي الذي كبّل العراق بالفوائد لعشرات السنين القادمة والتي سيدفع ثمنها الاجيال القادمة ويبقى فيها البلد أسيراً لسياسات صندوق النقد الدولي .

ومع كل الذي حصل من انهيار اقتصادي للعملة العراقية وإنخفاض قيمتها امام الدولار الذي اثر سلباً على حياة المواطن بسبب ارتفاع الاسعار في الأسواق المحلية تسعى الحكومة جاهدة إلى تقليل الرواتب والاجور الذي سيؤثر على القدرة الشرائية للموظف والذي سينعكس بدوره على توقف الحركة التجارية في الاسواق المحلية التي ستصاب بالكساد بسبب عدم مقدرة الموظف على الشراء والذي يُعتبر هو المحرك الاساس في حركة السوق المحلية.


وبذلك تحمّل المواطن اخطاء السياسات الفاشلة للحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ مايقارب العشرين عاماً وكانت سبباً في هدر مئات المليارات من الدولارات وان المواطن هو الخاسر الوحيد وهو الذي سيدفع فاتورة فشل السياسة الاقتصادية للحكومة والتخطيط السيء في ادارة موارده المالية.


ومع كل هذا نرى التناحر السياسي بين الكتل والصراع المستمر اثناء مناقشة فقرات الموازنة ومناكفات سياسية وحزبية لادخل للمواطن فيها وسوف تبقى تلك السجالات و تتأخر لأشهر عديده و تتوقف معها كل المشاريع قيد التنفيذ بسبب توقف الصرف عليها واحتمال بقاء تلك المناقشات الى النصف الثاني من العام ويتم الاتفاق على تمرير قانون الموازنة بعد معاناة كبيرة للمواطن وتأخير الرواتب وعند اقرارها لا يبقى الا اشهر قليلة لنهاية السنة المالية التي سيُكثف فيها المصروفات من اجل انفاق كافة التخصيصات وبذلك سوف يتم الضغط على الدوائر من اجل الاسراع في الصرف الذي سيشوبه الكثير من حالات الفساد . وعلى الحكومة ايضا السيطرة على موارد المنافذ الحدودية وتعظيم الصادرات وتقليل الاستيرادات وتخفيض مبالغ ومنافع الرئاسات ووضع سقف حد اعلى للرواتب العالية ووضع حلول مناسبة وتوقيت زمني لتسديد كافة القروض من اجل السير بخطى واثقة لنمو الاقتصاد العراقي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *