زياد محمد السعدون يكتب: اعوام على التحرير

بمؤامرة كبيرة داخلية وخارجية استبيحت مدينة الانبياء والأولياء والعلماء، الحدباء ام الربيعين ، وقد تم التمهيد لاسقاطها بيد تلك العصابات قبل عدّة سنوات بعد عام ٢٠٠٣ من خلال التضييق على اهلها في كل شيء حتى في أرزاقهم واغلاق الكثير من الطرق عليهم وتهديد كفاءاتهم وإجبارهم على ترك مدينتهم أو قتلهم .

وعند منتصف عام ٢٠١٤ تمكنت عصابات الارهاب من احتلالها بعد تخاذل وهروب اكثر من خمس فرق عسكرية لم تؤمن بولائها للعراق والدفاع عن المدينة التي كانت من المفروض عليهم الموت على أسوارها وعدم السماح لاعداد قليلة من الدخول لهذهِ المدينة العريقة وتهجير وقتل أهلها وهدم آثارها و مساجدها ، وبعد هروب قادة الجيش وإنهيار المؤسسة العسكرية وانسحابها من المدينة ودخول العصابات اليها ، وكان اهل الموصل يتأملون خيراً وينتظرون اعادة هيكلة قوات الجيش والعودة سريعاً لتحرير مدينتهم إلّا أنّ الحكومة لم تسمع شكوى أهل نينوى بل تركتهم يُعانون المُرّ تحت سيطرة الارهاب، و لم تكتفِ الحكومة بذلك فقط بل قطعت الرواتب عن الموظفين اللذين لم تمسح لهم ظروفهم من الخروج من الموصل .

وبقيت المدينة ترضخ تحت الويلات لمدة تزيد على الثلاث سنوات ذاق فيها أهل الموصل ابشع انواع الترهيب والقتل والتدمير في كل مرفق من مرافق المدينة وبُناها التحتية. ولم يسلم من التدمير
بيوت قادة المدينة ومن خرج منها ودوائرها و مساجدها ومتحفها وآثارها التي تمتد لألآف السنين وكذلك مصانعها ومعاملها بعد سرقة مكائنها و تهريبها الى خارج البلاد .


وبعد طول غياب وسنوات عجاف مرّت على المدينة وأهلها تذكرت الحكومة أن هناك عضواً مهماً من أعضاء جسد العراق أفناهُ المرض العضال ولابد من ايجاد حل في علاجه وتحريره من قبضة من سيطر عليه غدراً وخيانة .


فتوجهت سواعد الابطال الذين أكتشفوا حقيقة ما تمّ تدبيره في جنح الظلام لهذهِ المدينة وما أُريد بعدها لكافة العراق توجهوا لإنقاذ أهل نينوى ممّا مرّ بهم من ظلم على يد اهلهم و حكومتهم قبل سقوط المدينة أولاً و انقاذهم من سطوة ما مرّ بهم من قتل وجوع وظلم ورعب وترهيب على يد تلك العصابات التي أهلكت الحرث والنسل ودمرت البلاد وقتلت العباد ، ولا يعلم مرارة تلك السنون العجاف تحت سيطرة تلك العصابات إلّا من عاشها فكل يوم معهم يعادل بحق عاما” كاملا” بسبب الرعب والخوف من الحاضر المؤلم والمستقبل المجهول .
وبدأت جحافل الجيش والقوات الساندة لها تتقدم نحو المدينة وبدأت بتحرير أطرافها وعند وصولها الى خط التماس مع العدو الذي انسحب الى مركز المدينة ، بدأت طائرات التحالف تقصف المدينة بكافة الأسلحة فكان حجم التدمير هائلاً وكأنه مخطط لهُ لتدمير مناطق معينة من المدينة وتم اغلاق المدينة من كافة جهاتها ولم تفتح جهتها الغربيةلخروج عناصر الارهاب لغرض اخراجهم من المدينة ومقاتلتهم خارجها بل تم اغلاقها بالكامل من اجل تدمير البنه التحتية لهذه المدينه وخاصة القديمة منها وكذلك تدمير كافة بناها التحتية من محطات الكهرباء والمستشفيات والمدارس ومشاريع الماء والشوارع الرئيسية التي قصفت بصواريخ واسلحه مُحرمه دولياً.


وبعد تحرير المدينة بالكامل تم عقد الندوات والمؤتمرات من اجل اعادة اعمارها وكانت هذه المؤتمرات داخليه ودولية وتوسم فيها اهل الموصل خيراً ولكن ذهبت احلامهم ادراج الرياح فكل وعود تلك الدول في كافة المؤتمرات كانت حبراً على ورق ، ولم تتلقى المدينه دعماً محلياً او دولياً لاعادة اعمار المدينه وبُناها التحتيه وعودة اهلها من مُخيمات النزوح التي مازال يعيشون اغلب سكانها فيها ، بإستثناء بعض منضمات الامم المتحدة وخاصة undp التي ساهمت ببعض الشيء لاعادة تأهيل مايمكن تأهليه من اجل عودة الحياة الى هذه المدينة المنكوبة،

ورغم مرور ٦ سنوات على احتلال المدينه ومرور ٣ سنوات على تحريرها مازالت شواهد الدمار حاضره فيها ومازال بعض اهلها مشردون في مخيمات النزوح ولم يتم اعادة بناء اي مرفق صحي فيها ولم يتم رفع انقاض مدينتها القديمة واعادة بناءها بل على العكس من ذلك ، فقد انتشر في هذه المدينه المنكوبة فايروس الفساد المالي في مشاريع اعادة اعمارها ذلك الفساد الذي نخر جسد المدينه دون تقديم اي شيء لها ، فأغلبها مشاريع وهميه او تم احالة المشاريع بمبالغ مضاعفه عن كلفتها التخمينيه ، ولولا همة اهل الموصل وسواعد ابناءها في اعادة الحياة اليها لما استطاعت ان تنهض من جديد فقام اهلها باعادة بناء الاسواق واعادة تأهيل دورهم على نفقتهم الخاصة وانشاء المولات والمطاعم واماكن الترفيه في المدينة واثبتوا بحق انهم ماضون في اعادة مدينتهم الى ماكانت عليه وافضل قبل ٢٠١٤ .
ولا بد للحكومة من السعي لشن حرب اخرى مرادفة لحرب التحرير وهي حرب القضاء على الفساد ومعاقبة الفاسدين واسترجاع الاموال التي نهبت من اجل اعادة اعمار نينوى واعادتها الى سابق عهدها لأنها المدينة الثانية في العراق بعد العاصمة بغداد وتثمل شريان الحياة وسلة خبز العراق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *