د. أحمد جارالله ياسين يكتب:الأمانة الثقيلة

ألف مبارك .. للذين ظهرت تعييناتهم في التربية .. التعليم أمانة كبيرة جدا في أعناقكم فاستعدوا لها جيداً بمزيد من الثقافة في تخصصكم وحاولوا أن تكونوا جيلاً من المعلمين والمدرسين يُحدث الفرق الإيجابي في المسيرة التعليمية ، وينهض بها نحو الأفضل ..لا تفكروا في التعيين كمصدر للرزق المادي فحسب ..وإنما كفرصة لتوصيل المعرفة والخلق التربوي الطيب إلى الطلبة وتنشئة جيل يفكر ويتذوق الجمال في العلوم والحياة والأدب ..
لا تكونوا أرقاماً فقط ذات تسلسل في قوائم الراتب كل شهر ..كونوا أسماء بارزة وذات بصمة خاصة تترك أثرها النافع في ذاكرة الطلبة ..اهتموا بمظهركم الرسمي في مدارسكم ..وخارجها لكم الحرية في حياتكم وإن كان ذلك أيضا بقدر يناسب مهنتكم ومركزكم الجديد في الحياة بوصفكم مربين للأجيال في العلم والأخلاق ..

ولا تنسوا فضل من أسهم بوصولكم إلى هذا الهدف السامي لاسيما من أهلكم وأساتذتكم منذ الصف الأول الابتدائي حتى آخر مرحلة جامعية لكم ..أذكروهم بخير ..في دعائكم .. ولا تقتدوا بالذين لم يصونوا أمانة التعليم ..من الذين يتهرّبون من التدريس .. ومن المهام الإدارية والعلمية ويضربون أوقات الدوام عرض الحائط ولا يبذلون الجهد الكافي لتعليم الطلبة ..ويبحثون عن كل فرصة لمراوغة الطقوس التعليمية وواجباتها الإدارية بحجج وذرائع شتى ولا يظهرون إلا يوم الراتب ..ابتعدوا عن هذه النماذج ..التي خربت التعليم وأفسدته ..واقتدوا بالنماذج المخلصة الأمينة والمجتهدة التي تحلل رزقها بالقيام بواجباتها كما ينبغي وربما أكثر..

لا تبحثوا عن دوام أقل بطريقة أو بأخرى وتتنافسوا على ذلك ، وتفضلوا صفوف الطلبة المجتهدين على من هم دونهم ..عاملوا الجميع بعدالة في التدريس ..ولا تجعلوا المدارس عتبات للتدريس الخصوصي خارجها ..احترموا قرارات الإدارة ونفذوها بإتقان وابتكروا نشاطات لا صفية وابداعية تنمي مواهب الطلبة وتحسن ذائقتهم الجمالية لاسيما في دروس الرسم والرياضة ولا تقبلوا تهميشها ..وكونوا في اللحظات الانسانية أصدقاء للطلبة وفي اللحظات التعليمية اساتذة بكل معنى الكلمة وفي اللحظات التربوية آباء وإخوة لهم ..
وإياكم وأخذ الإجازات بحجة وهمية مثل حجج الجدة التي ماتت أو الاب الذي دهسه قطار أو الزوجة التي ولدت توا ..فكلها حجج قديمة ..

اجعلوا المدارس بقيمة بيوتكم والزملاء أسرتكم والطلبة أبناءكم .. واستوعبوا هذه الأجيال المسكينة الصغيرة فهم مثلكم عاشوا الحروب والإحتلالات والفقر والمصائب المتتالية ..وأرعبتهم المدافع والعبوات ..

وامنحوهم أكثر من فرصة للتعلم والتهذيب ..
وفقكم الله ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *