زياد محمد السعدون يكتب : البيض قضية الفقراء

منذ تأسيس الدولة العراقية، والعراق يسعى نحو تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وخاصة في مجال الزراعة التي اعتبرها الاقتصاديون (نفط دائم) لما يتمتع به هذا البلد إمكانات قد لا تتوفر في معظم الدول وخاصة المجاورة للعراق.

فهو بلاد الرافدين والتي يشق أراضيه من أقصاه الى أقصاه نهران عظيمان عذبان وروافدهما الممتدة في أغلب أنحائه، وهما مع روافدهما كالشرايين في الجسد التي تنقل الدم الصافي لكافة أعضائه.

إضافة لما يتمتع به من خصوبة التربة فهو (أرض السواد) وفيه سهول وهضاب تنتج مختلف أنواع الحبوب وبكفاءة عالية تضاهي المنتجات العالمية بجودتها، وتصدر لسنوات عديدة قبل الثمانينات المراكز الأولى في امتلاكه لأعداد كبيرة من الثروات الحيوانية التي كان لا ينافسه فيها سوى بلاد المغرب العربي.

إضافة إلى تصدره بلاد العالم في أعداد نخيله الشامخ والذي يعد إنتاجه من أجود أنواع التمور في العالم وبأصنافه المختلفة.

ورغم الحروب التي خاضها البلد في الثمانينات إلا إن الزراعة فيه كانت في نهضة مستمرة واستخدام المكننة الحديثة والأسمدة وأساليب الزراعة الحديثة.

وإنشاء أعداد كبيرة من حقول الدواجن والمفاقس، والتي حقق فيها العراق اكتفاءً ذاتياً من الدواجن وبيض المائدة.

وفي تسعينيات القرن الماضي ورغم ظروف الحصار الاقتصادي نهضت الزراعة بشكل كبير وأصبحت عصب الحياة في العراق ورافده المهم في ملئ صوامع الحبوب وتوفير الدجاج والبيض وبوفرة في الأسواق المحلية وبأسعار مناسبة جداً يستطيع من خلالها الموظفون من ذوي الدخل المحدود التي كانت رواتبهم لا تتجاوز ($5) شهرياً يستطيعون شراء البيض والدجاج إضافة إلى أنها اي (طبقة البيض) كانت الوجبة الرئيسة على مائدة الفقراء وخاصة في الفطور والغداء.

وبعد عام 2003 وما رافقها من قلة الدعم للزراعة ومنتجاتها وفتح الحدود على مصراعيها وإغراق الاسواق المحلية بالبضاعة المستوردة ادى ذلك إلى تدمير الزراعة في البلد.

وتوقفت حقول الدواجن عن إنتاجها من الدجاج وبيض المائدة التي أصبح فيها المستورد أرخص من الناتج المحلي الذي لا يستطيع منافسته بسبب إيقاف الدعم عنه فأصبحت طبقة البيض (الخشن) المستوردة من تركيا لا تتجاوز أغلب الأحيان مبلغ 3000 ثلاثة الاف دينار، وطبقة البيض العراقي 2750 الفان وسبعمائة وخمسون دينار وهو أرخص من المنتج التركي بقليل بسبب حجمه ولكنه منافس قوي لهذا المنتج ويستطيع الفقراء وذوي الدخل المحدود من شراء البيض بذلك السعر.

ورغم كل تقارير الأمم المتحدة التي تشير إلى أن نسبة الفقر في العراق تجاوزت 30% أي أن ثلث أبناء هذا الشعب تحت خط الفقر، أقدمت الجهات المسؤولة فيه على منع استيراد البيض من أجل دعم الإنتاج المحلي بسبب وفرته في الأسواق المحلية إلا أننا تفاجئنا بالارتفاع التدريجي لأسعاره الذي تأثر بارتفاع درجات الحرارة فأرتفع سعر الطبقة إلى 3500 دينار ثم 4000 دينار ووصل إلى 5000 دينار.

ولم يتوقف عند هذا الحد بل وصل السعر لهذه الأيام إلى 6500 دينار وبذلك أصبح البيض منافساً قوياً لكافة أنواع اللحوم التي يراها الفقراء في الأسواق ولا يستطيعون شراءها وانضم البيض إلى تلك القائمة التي ارتفعت بمقامها عن سفرة الفقراء التي كانت خير عون لهم ولأطفالهم.

والمفروض على كافة العوائل دعم إخوتهم وأبناء بلدهم من الفقراء والامتناع من شراء البيض لمدة أسبوع على الأقل وسوف نرى تكدس تلك البضاعة وكسادها في الأسواق مما يضطر المتلاعبون بأرزاق الفقراء إلى تخفيض ثمنها إلى ما دون أسعارها القديمة والتي يستطيع بها الفقراء العودة لشراء طبقة البيض التي أصبحت (حديث الشارع) لأنها تهم أكثر من 30% من أبناء العراق.

نرجو من السادة المسؤولين في وزارة الزراعة معالجة ارتفاع سعر طبقة البيض التي أصبحت لا تلائم طبقة الفقراء من أبناء هذا الشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *