رمضان حمزة محمد يكتب : هل بامكان العراق أن يكون قادراً على إستيعاب الزيادة السكانية في ظل ندرة المياه؟

تواجه العديد من المدن في العراق تحديات صعبة في محاولة تأمين إمدادات المياه للسكان الذين يتزايد عددهم بسرعة في سياق ندرة المياه المتزايدة في البلد. السؤال الذي يطرح نفسه هل بامكان هذه المدن أن تكون قادرة على استيعاب الزيادة السكانية في ظل ندرة المياه؟


كقاعدة عامة فان الوصول إلى إمدادات المياه الإضافية أحد المتطلبات الأساسية للنمو السكاني والاقتصادي عبر تاريخ البشرية، وكمثال على ذلك عندما نمت المدن الرومانية وإزدادت الحاجة الى إمدادات إضافية من المياه ، قاموا بتصميم القنوات لجلب المياه من الينابيع البعيدة. بعد ألفي عام ، قامت مدينة لوس أنجلوس بكاليفورنيا ببناء قناة بطول 674 كم من جبال سييرا نيفادا لجلب المياه لتغطية حاجة السكان نتيجة الزيادة الكبيرة في عدد السكان والتي إزادت بمقدار عشرة أضعاف في النصف الأول من القرن العشرين، وهكذا في بلاد الرافدين والحضارات الأخرى. ولكن المنعطف التاريخي كان بسبب التطورات العلمية والهندسية الأخرى خلال القرن الماضي والتي تتقدم بسرعة مذهلة دور أساسي منها بناء خزانات ضخمة وحفرآبار مياه لإستغلال المياه الجوفية بعمق مئات الأمتار ، مما سهل نمو المدن الضخمة الحديثة وتطور الصناعات وزيادة رقعة الأراضي الزراعة المروية بشكل كبير واستخدام الأنظمة الذكية والإستشعار عن بعد وغيرها من التكنولوجيا، لذلك ليس من المستغرب أن يستمر العديد من مخططي المدن والقادة السياسيين في افتراض أن تزايد عدد السكان والاقتصادات سوف يتطلب المزيد من المياه. أن توقعات الطلب المستقبلي سترتفع بنسبة كبيرة دائماً ما يفوق المخطط لها. ولكم هناك عدة عوامل من شأنها أن تؤدي إلى التقليل من المعدل الذي تقلل به المدن من استخدام الفرد للمياه، منها التشريعات والقوانين التي تصدرها الدولة وتعمل بجدية على تنفيذها، حيث أثبتت أن تطبيق التشريعات مفيدة في الحد من استخدام المياه والحفاظ عليها وفي المناطق الحضرية على وجه الخصوص، وكذلك دعم الحكومة للمواطن وتحفيزه بالحفاظ على المياه من خلال توفير معدات وتركيبات السباكة عالية الكفاءة باسعار مناسبة التي لها تأثير كبير في الحد من استخدام المياه في الأماكن المغلقة في المنازل الجديدة .

وقد سعت العديد من الحكومات إلى ذلك لتحفيز مالكي المنازل والشركات القديمة على استبدال تركيبات المياه الأكثر كفاءة أيضًا بتقديم حسومات مالية. لأن الخصومات على هذه المعدات تشجع المواطن على إستبدال تركيبات السباكة الداخلية القديمة الغير الكفوءة، ومن الخطوات الأخرى في تقليل الإستهلاك هو استخدام المياه المعادة، خاصة لسقي الحدائق. أو العمل على حصاد المياه من أسقف المنازل وحفظها في خزانات لاستخدامها في ري الحدائق الخاصة والعامة، وبالتالي تخفيف الضغط على إمدادات المياه الصالحة للشرب، على أن يتم تغطية نصف تكلفة مواد البناء والتركيب من قبل الحكومة ضمن برنامج الخصم لتشجيع هذا السلوك في خزن مياه الأمطار والإستفادة منها في مواسم الصيف، مع تضمين خدمات إصلاح تسرب المياه من الشيكة العامة أو من المنازل، كذلك العمل بنظام تسعير المياه لتقليل الأستهلاك إما على معدل شهري ثابت، أو المعدل الحجمي الثابت. المعدلات الشهرية الثابتة تفعل القليل للسيطرة على الطلب لأنه لا توجد عقوبة على الاستهلاك المفرط. بينما المعدل الحجمي الثابت ،يشجع على تقليل الإستهلاك ، لكن دون حساب زيادة تكلفة استهلاك الوحدات الإضافية من الماء وهذه توفر حافزًا اقتصاديًا أقوى للمستهلكين للحفاظ على المياه، وتقليل الاستهلاك .

ومن جانب آخر على الحكومة العمل لتقليل استخدام المياه العذبة للقطاع الصناعي وإيجاد بدائل لها كاستخدام مصادر بديلة للمياه مثل المياه المعاد تدويرها من المياه المعالجة والمعادة لأستخدامها في هذا القطاع. لأن الاستخدام المتزايد لمصادر المياه المعاد تدويرها وغيرها من مصادر المياه البديلة تساهم بشكل فعال في تجنب نقص المياه.
وكذلك تعدٌ متابعة أعمال الإشراف على المياه مهمة جداً كلما أصبحت إمدادات المياه أكثر ندرة أو ملوثة،في العام 2012 .

حدد المنتدى الاقتصادي العالمي “أزمات المياه” كواحدة من أعلى خمس مخاطر عالمية في تقرير المخاطر العالمية السنوي. هذه المخاطر المائية تؤثر بالفعل على الميزة التنافسية من خلال الحفاظ على المياه، مما يؤدى إلى زيادة الاهتمام بشكل كبير بالإشراف على المياه وفي التركيز على حوكمة المياه ، جودة المياه، الصرف الصحي والنظافة الصحية ، والموضوع المهم الذي يراه الجميع بانه الحل لمعالجة الندرة المائية وتلوث المياه هو اللجوء الى زيادة حفر الآبار والأستغلال المفرط للمياه الجوفية وهذا برائي خطأ فادح بل وقاتل لان المياه الجوفية هي ملك الأجيال القادمة ويجب أن تستغل المياه السطحية بحكومة وترشيد مع إستخدام التكنولوحيا في تراكيب معدات المياه وفي الزراعة،وتقليل سحب المياه من جوف الأرض.

عليه فان الإلتزام بتنفيذ أفضل الممارسات الإدارية للحفاظ على المياه في جميع القطاعات، التعليمية، الصحية، السكنية، التجارية، الصناعية، المؤسسية ، الحدائق العامة الطبيعية ، وغيرها.


باختصار فان إستخدام استراتيجية فعالة من حيث التكلفة ، سيكون الأساس في الحفاظ على المياه والاستمرار في تقديم إمكانات هائلة لاستيعاب النمو السكاني دون وضع المزيد الضغط على إمدادات المياه العذبة المجهدة في العقود القادمة ، لأن إمكانات توفير المياه التي يمكن أن تساعد في تقييد احتياجاتهم في حدود إمدادات المياه المتاحة أصبحت متوفرة في ظل التكنولوجيا الحديثة والذكية مع دعم ومراقبة مستمرة من قبل الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *