عذرا.. لا توجد في العراق مؤامرة   كافي علي  

 

الحكومة العراقية ترفض التقسيم الإداري للسلطة وفق نظام الأقاليم، لكنها لا تعمل على خلق الأسباب التي تجعل من التقسيم غير واقعي ومرفوض.

 

الجهل سائد، والوعي نادر، لكن قوة الحق والعدالة جعلت الوعي راعيا والجهل رعية. فإذا اختل الميزان واختلطت الأوزان، وحكم الخوف العقول والأبدان، صار الجهل راعيا والوعي رعية. هذا حال العراق وشعبه. الطائفيون السنة دمروا الجغرافيا بإرهابهم، والطائفيون الشيعة دمروا الدولة بتبعيتهم. أما الأكراد فقد دمروا أنفسهم بسياساتهم. جميع المشاريع السياسية في العراق إقليمية مستوردة، والمشروع الذي لا يخرج من الأرض وينمو ويكبر بعزم وجهود أهلها، مشروع هجين محكوم عليه بالفشل، ولو بعد حين.

 

منذ الانقلاب العسكري على الملكية، ماذا أنتجت الأحزاب الهجينة غير العنف؟ وما تأثيرها على الواقع؟ قبل الاحتلال الأميركي كانت الأحزاب تتقاتل من أجل السلطة لكن بعيدا عن الشعب، أما بعد الاحتلال فصارت تتقاسم الثروة والسلطة بدماء الشعب. للمؤمنين بنظرية المؤامرة: عذرا، لا توجد في العراق مؤامرة. في العراق شعب حكمته الأحزاب الإسلامية الطائفية، والأحزاب القومية، بعقد الماضي والخوف والتشكيك، فخلقت واقعا مضادا لمبدأ العيش والتعايش بسلام. حكم الولاء الطائفي والقومي، الذي يفرض بالاضطهاد والعنف ثقافته وسياسته على الآخر، شعبا من الطوائف والقوميات يسهل تمزيقه، ثم حكمه بنظام محاصصة هش، يخدم القوى الاستعمارية. الحكومة العراقية ترفض التقسيم الإداري وفق نظام الأقاليم، لكنها لا تعمل على خلق الأسباب التي تجعل التقسيم غير واقعي.

 

في ظل عملية سياسية تتخفى بطاقية الديمقراطية، يتقاسم أعضاؤها المناصب وفق نظام النسبة والتناسب، هل نظام الأقاليم مشكلة أم حل؟ كيف يكون نظام الأقاليم “مشكلة”، بينما الأحزاب الإسلامية في السلطة، إما شيعية تنفذ سياسة الفقيه الإيراني، وإما سنية تخدم الخليفة العربي أو السلطان العثماني؟ أما الأحزاب الكردية، فكعادتها، ورقة ضغط سياسية تلجأ إليها القوى الخارجية عند الضرورة.

 

إذا رفضت الحكومة تقاسم السلطة وفق نظام الأقاليم، فعليها تحرير العملية السياسية بإرادة القانون المدني الذي يحتاجه أي بلد، مثل العراق، متعدد الأديان والطوائف لأجل أن يعيش شعبه في أمن وسلام.

 

1- حذف أيّ مفردة من الدستور تدل على دين أو طائفة أو قومية.

 

2- منع مشاركة أي حزب يستخدم أسماء وعناوين سياسية تدل على دين أو طائفة أو قومية من دخول الانتخابات، لتخليص العملية السياسية من المحاصصة والنسبة والتناسب في تقسيم السلطة.

 

3- يمنع تدريس مادة الدين في مدارس الدولة، ويقتصر تعليمها على المدارس الخاصة التي يتحمل الأهل نفقاتها، لأن من واجب الدولة تحقيق العدالة في مجال التعليم والمعرفة، وعدم استخدام المال العام للتبشير بدين أو بطائفة.

 

4- فرض عقوبات على كل مواطن يتسبب في أذى معنوي أو مادي لمواطن آخر من خلال المساس بعقيدته أو قوميته.

 

هذه القوانين ودرجة الالتزام بها تكشف هوية الدولة ومستوى الوعي بها. الوعي الذي يفرض بقوة القانون التي توقف الحاكم والمحكوم عند إشارة المرور الحمراء في الشوارع العامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *