دعوة الصدر لتنحي الاسد / حارث حسن

 

لا اعتقد ان موقف السيد مقتدى الصدر في دعوته لبشار الأسد بالتنحي هو موقف مفاجيء، بل أراه جزءا من تحول مضى على تبلوره عدة سنوات، ابتداءا مع تصاعد خلافات الصدر والمالكي، وهو تحول لاتمتلك معظم الأطراف الشيعية الاخرى ترف الخوض فيه لانها خلافا لحركة الصدر ذات الثقل الشعبي، تعتمد على مصدرين أساسيين للقوة أو واحد منهم، الاول: توظيف الهوية الطائفية تحت عنوان تمثيل المكون وحقوقه لصناعة شرعية سياسية لايمكنها ان تصمد طويلا بدون استمرار الانقسام الطائفي أو مأسسته، خصوصا بعد ان صار ” المكون” يعبر حدود البلد ليتماهى مع تضامن شيعي عابر للحدود يغذيه ويتغذى عليه تضامن ” سني” مقابل.

 

أما المصدر الثاني فهو ما يمكن ان يوضع تحت عنوان ” سياسات النخبة” الهادفة لهندسة توزيع السلطة عبر نظام انتخابي مسيطر على مخرجاته وعبر مصادر الريع والقوة التي تتأتى من المناصب الحكومية.

وحده الصدر بحكم ” قاعدته الجماهيرية” قادر على التملص من هذه المحددات والتعبير عن متبنيات مستقلة ويراها البعض ” شجاعة” أو ” مغامرة”. لكن المشكلة التي يواجهها الصدر وتياره هي في هيمنة الطابع الأبوي في مواقفه، بمعنى ان ما يقوله الصدر يعبر عن مايعتقده الرجل في وقت محدد حول قضية معينة دون ان يبذل جهدا كافيا لتثقيف قواعده بشكل يجعلها تستوعب شروط ومسببات هذا الموقف، وكثير من هؤلاء يتصورون ان كل مايصدر عن زعيمهم هو الهام الهي أو يرتبط بحكمة لايعلمها الا الصدر، والمشكلة ليست مع هذا الكثير، بل مع القليل الذي يرى ان تلك المواقف غير مفهومة ولاتنسجم مع ماتقولها ماكنة نشطة تعمل لسنوات من اجل تكريس القراءة الطائفية لما يحدث في العراق وسوريا وغيرهما. وأزعم ان هذا القليل الذي يسال قد يكون اكثر اهمية للصدر في قيادة تيار سياسي – اجتماعي واعي بأهدافه من الكثير الذي لايسأل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *