مليار دولار تنفقها تحالفات النصر (العبادي) والفتح (العامري) ودولة القانون (المالكي) في الدعاية الانتخابية

كشفت صحيفة العرب الدولية عن ان ائتلافات دولة القانون بزعامة نوري المالكي والنصر بزعامة حيدر العبادي وفتح بزعامة هادي العامري خصصوا مليار دولار أمريكي للإنفاق على الدعاية الانتخابية في وقت يعاني العراق من أزمة اقتصادية خانقة ناتجة عن الحرب على داعش والفساد وتراجع أسعار النفط عالميا. وأكدت الصحيفة أن تلك القوائم تتنافس على المركز الأول في لائحة القوائم الأكثر إنفاقا على الدعاية الانتخابية في العراق.

وقالت الصحيفة أن “ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، وائتلاف الفتح بزعامة هادي العامري، تتنافس على المركز الأول في لائحة القوائم الأكثر إنفاقا على الدعاية الانتخابية، إذ ربما تنفق تلك الائتلافات مجتمعة نحو مليار دولار”، وهو مبلغ بالغ الضخامة قياسا بالأوضاع الاقتصادية للبلد وحجم المتطلّبات المالية التي تنتظره لتحسين الوضع الاجتماعي السيء، ولترميم البنى التحتية التي دمّرتها حرب داعش في الكثير من المناطق.

واضافت:” من الصعب في بلد مثل العراق تغلغل فيه الفساد وامتد إلى جميع مظاهر الحياة ومفاصل الدولة أنّ تكون العملية الانتخابية من الترشّح إلى الدعاية إلى الاقتراع، بمعزل عن تلك الظاهرة التي غدت لصيقة بالعملية السياسية الجارية في البلد منذ خمسة عشر عاما”.

وبالنسبة لمتابعي الشأن العراقي فإنّ الدعاية الانتخابية في بلد كالعراق لا يمكن أن تخرج من دائرة الفساد المستشري في كل المجالات، وهو ما تكشف عنه الشعارات التي ترفعها الكتل والأحزاب المتنافسة، صغيرها وكبيرها.

ويعلّق سياسي عراقي على تلك الشعارات بالقول إنّ واضعيها يتعمّدون أن تكون مختصرة وقصيرة لا تقول شيئا بعينه ولا تشير إلى أي برنامج أو مشروع، بل هي مجرد جمل مطلقة المعاني لا تلزم قائلها بشيء ولا تجعله مسؤولا عن شيء.

ويضيف ذات السياسي المعارض لحكم الأحزاب الدينية في البلد في تصريح لصحيفة العرب الدولية:” أنّ الجميع يعرضون أنفسهم في الحملة الانتخابية كإصلاحيين وساعين إلى التغيير في وقت يهدرون فيه المليارات المتأتية في الأعمّ الأغلب من أموال الفساد”.

وتتعمّق المفارقة، وفق المتحدّث ذاته، حين تغدو الحملة الانتخابية التي تهدر لأجلها المليارات عديمة الفائدة عمليا في التأثير على النتائج “شبه المحسومة سلفا لصالح الكتل والكيانات الحزبية الحاكمة الضامنة للفوز وتقاسم كعكة السلطة بعدة وسائل وطرق لا يستثنى منها التزوير”.

وبحسب المعارض العراقي فإن “الحملات الانتخابية ضرب من الاستعراض الضروري لإتقان اللعبة وإخراجها في شكل تنافس حقيقي بين أطراف مختلفة. فلا أحد يتوقّع غياب كبار المتصدّرين للمشهد منذ 2003 عن الحكم مقابل صعود الكيانات الجديدة التي تتميز بصغر حجومها”.

ويمكن تقدير حجم المبالغ المالية المخصصة لتمويل حملات ائتلافات المالكي والعبادي والعامري، من خلال الاطلاع على أحجام لافتاتها الدعائية والمواقع التجارية المهمة التي حجزتها في أرقى مناطق العاصمة العراقية بغداد.

وتظهر صور هؤلاء الثلاثة مع مرشحيهم، بأحجام كبيرة جدا، في أعلى المباني التجارية وسط أرقى شوارع العاصمة.

ويمكن أن يكلف حجز موقع واحد من هذه المواقع، ليوم واحد، نحو ألف دولار. وهناك الآلاف من المواقع على هذه الشاكلة في بغداد لوحدها.

ووفقا لتقدير خبراء في مجال الدعاية تحدثوا لـ”العرب” فإن “استمرار حملات المالكي والعبادي والعامري بهذا الزخم منذ انطلاقها في 14 من الشهر الجاري وحتى يوم الصمت الانتخابي في 11 مايو، سيتكلف نحو 300 مليون دولار لكل منهم”.

وفي بعض الأحيان بدا أن لافتات بعض المرشحين نفذت في مطابع خاصة، نظرا لحجمها المبالغ فيه.

ويقول فنيون يعملون على تجهيز لافتات المرشحين في منطقة “البتاويين”، وسط بغداد، إنهم يعملون ليل نهار للإيفاء بطلبات الأحزاب. ولا يخفي هؤلاء أنهم ضاعفوا الأسعار أحيانا 3 مرات على بعض القوائم والمرشحين، لتقليل حجم الطلب دون جدوى، إذ يحافظ الطلب على معدلات مرتفعة.

ويقول الفنيون إن أجواء شهر أبريل المتقلبة في العراق وما يميّزها من عواصف ترابية وزوابع رعدية وأمطار، تسهم في رفع فاتورة الدعاية إذ تدمّر معظم لافتات المرشحين بعد أيام من نصبها في مواقعها، ما يستدعي صنع لافتات جديدة.

وتتراوح كلفة اللافتات في بغداد بين 100 و1500 دولار، وعادة ما يربأ زعماء القوائم الكبيرة بصورهم عن اللافتات الرخيصة، ويختارون الأغلى ثمنا. لذلك تمتلئ شوارع بغداد وطرقها الخارجية بصور المالكي والعبادي والعامري من الحجم الكبير.

ويقول مراقبون إن حجم الدعاية الانتخابية لدى بعض القوائم، لا يتعلق فقط بقدرتها على التأثير في الناخبين، بل “الهدف من وراء ذلك استعراض الإمكانيات المالية، أمام المنافسين الآخرين”.

ولا يقل اهتمام زعيم القائمة الوطنية، إياد علاوي، باللافتات الكبيرة عن المالكي والعبادي والعامري، وخص علاوي نفسه بمجموعة من لافتات الـ1500 دولار، وزعت جميعا في مناطق بغداد خصوصا تلك التي يكثر فيها السكان السنة الذين يحاول هذا السياسي الشيعي العلماني استمالتهم. ويتنافس هؤلاء الأربعة على المركز الأول في بغداد، بفارق واضح يتمتع به العبادي، وفقا للتقديرات الأولية.

شعارات انتخابية مختصرة ومبهمة لا تقول شيئا بعينه ولا تشير إلى أي برامج أو مشاريع ولا ترتب على المرشحين أي التزامات.

وبينما قرر عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، ترك عملية نصب اللافتات الدعائية للمرشحين، متخليا عن المركزية التي حافظ عليها خلال تجارب انتخابية سابقة، حافظ زعيم التيار الصدري على شكل دعايته الانتخابية التي تتوجه نحو مناطق وأحياء شعبية، وأزقة فرعية، وتجنّب المناطق الراقية، ما يقلص كلفة إنفاقها.

ولم تُعرف الخطة التي ينتهجها الحكيم لتسويق مرشحيه، لكن الاستطلاعات الأولية تضعه في آخر قائمة الفائزين الشيعة، فيما يحافظ الصدر على حظوظ متوسطة في جميع الاستطلاعات.

ومن المفارقات التي شهدتها انطلاقة الحملة الدعائية، توجه بعض المرشحين إلى إزالة صور مقاتلين من الجيش العراقي وقوات الأمن والحشد الشعبي سقطوا خلال الحرب على داعش، وتعليق لافتاتهم في مكانها.

وتحجز صور المقاتلين الذين قضوا في الحرب مواقع مميزة في شوراع معظم مدن وسط وجنوب العراق.

وقال شهود عيان في بغداد والنجف والبصرة وكربلاء إنّ بعض المرشحين من قوائم المالكي والعبادي والعامري والصدر، أزالوا صور مقاتلين سقطوا خلال الحرب على تنظيم داعش من مواقع إعلانية مميزة في الشوارع، وعلقوا لافتاتهم بدلا عنها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *