المدّعي العام وعباءات صلاح عبد الرزاق! المدى: علي حسين رصد عراقيون

 

كنت أنوي اليوم أن أكتب عن فكتور هيجو صاحب البؤساء، هذه الرواية التي ما زالت تُقرأ بشغف، وما برح أبطالها حاضرين يذكّروننا بالبؤس الذي تتسع رقعته في بلاد الرافدين، يوماً بعد آخر بفضل سياسيين فاشلين يريدون الانتقام من الناس، لأنهم لايصدّقون أنهم زهّاد في المناصب، لكن إياكم والاقتراب منهم وإلّا سيحوّلونكم جميعاً إلى أبطال لرواية البؤساء العراقية.

ستقولون، لقد صدّعتَ رؤوسنا بأحاديثك العجيبة عن الكتب، وعن إصرار سارتر على إسقاط ديغول، رغم أنّ الرجل حرّر فرنسا من النازية. ماذا أفعل ياسادة وأنا أجد محافظ بغداد السابق صلاح عبد الرزاق ضحك علينا وهو يوزّع العباءات على تلميذات المدارس الابتدائية، في الوقت الذي كان يسرق أموال المحافظة ويُهرّبها تحت عباءة حزب الدعوة.

لم يُقبِل الفرنسيّون على بؤساء هيجو حال صدورها، فالحياة كانت تعجّ بالبائسين، في ذلك الوقت كتب هيجو إلى إمبراطور فرنسا أنّ “الحقائق التي تقدّم لجلالتكم ما هي إلّا أكاذيب يحاول المحيطون بك أن ينشروها على أنها حقائق”.

يحزنني ياسيدي الأديب الفرنسي أن أخبرك أنّ حُجّاجنا الأكارم يعتقدون أنّ الاعتراض على قانون تزويج القاصرات، ما هو إلّا مؤامرة إمبرياليّة.

أعترف بأنني منذ سنوات أكتب عن القوانين، ولامعرفة لي بأصول المحاكمات، لكن هل من المعقول أن يُصدِر حزب سياسي بياناً يتّهم أحد قادته بالفساد وسرقة أموال الدولة، ولايحرِّك القضاء ساكناً، في الوقت الذي يغيب فيه السيد المدّعي العام، الذي حسب معلوماتي المتواضعة يمثل الحقّ العام؟ ورغم كل هذا العدد الكبير من ملفات الفساد، إلا أنّ المواطن العراقي لم يسمع صوتاً للمدّعي العام، وأجزم أنّ 99 بالمئة من العراقيين لايعرفون اسم المدّعي العام، هذا إذا كانوا يُصدِّقون أنّ هناك منصباً قضائيّاً اسمه الادّعاء العام. ثم إنني بكل صدق لست أعرف: هل صمت الادّعاء العام هذا تصرّف قانوني؟

كان موغابي يعتقد أنه سوف يحكم زيمبابوي إلى الأبد، وتخبرنا صحيفة الواشنطن بوست أنّ الانهيار بدأ في هذه الدولة الأفريقية منذ اليوم الذي أصبح فيه القضاء تابعاً لكرسي موغابي. فلم تكن السجون سوى للبسطاء الذين لا يملكون سلطة أو سلاحاً. وبعكس ذلك، فإن الذين يملكون السلطة والسلاح أصبحوا هم القانون نفسه، قادرين على ارتكاب أيّ شيء بما في ذلك سرقة البلاد في وضح النهارّ!

هناك شعوب سعيدة لأنها ترفع شعار العدالة، فيما نحن لانكفّ عن الثرثرة في أهميّة ائتلاف دولة القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *