لمن الغلبة في العراق: مكغيرك أم سليماني؟ تقرير : الحرة رصد عراقيون

وصل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني إلى العراق مطلع هذا الأسبوع في زيارة مفاجئة يعتقد أنها تهدف لتحديد ملامح الحكومة العراقية المقبلة وأبرز القوى التي ستسهم في تشكيلها.

ووفقا لمصادر خاصة تحدثت لـ”الحرة” شريطة عدم الكشف عن هويتها فإن سليماني يجري تحركات لتشكيل كتلة برلمانية كبيرة تتألف من قوى مقربة من طهران لقطع الطريق أمام الرياض وواشنطن وضمان وصول شخصية مقربة لتولي منصب رئيس الوزراء.

وتركزت حوارات سليماني وفقا لتلك المصادر في بغداد مع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس ائتلاف الفتح هادي العامري وفي السليمانية مع الاتحاد الوطني الكردستاني لعزل تحالف سائرون بزعامة مقتدى الصدر الفائز بالانتخابات.

كما تهدف هذه التحركات إلى إدخال ائتلاف النصر الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي في الكتلة البرلمانية الأكبر وجمعه مع المالكي وكلاهما ينتميان لحزب الدعوة الإسلامية، وفي حال امتناعه عن الالتحاق بالتحالف الذي تسعى إيران لتشكيله فسيتم تحييده في المستقبل.

ويرى رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج أن “من الصعوبة جدا أن يتم توحيد العبادي والمالكي في ائتلاف واحد أو إعادة جمع طرفي حزب الدعوة المشاركين في الانتخابات لوجود اختلافات كبيرة بينهما”.

ويضيف السراج المقرب من رئيس الوزراء حيدر العبادي لـ”موقع الحرة” أن “الإيرانيين يعملون بشكل واضح لحماية مصالحهم في العراق، وضمان توحيد القوى الشيعية تحت مظلة واحدة عبر دعم قوى مقربة منها للمساهمة بشكل واسع في الحكومة المقبلة”.

ويشير إلى أن “أصدقاء طهران في العراق لا يزالون يمتلكون تأثيرا واضحا في الانتخابات وبالتالي هم قادرون على تغيير المعادلة لصالحهم في أي وقت”.

وبالتزامن مع التحركات التي يقوم بها سليماني أعلن أيضا عن قيام المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش بريت مكغيرك بإجراء لقاءات في بغداد مع عدد من القيادات العراقية بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس البرلمان سليم الجبوري.

وفي أربيل أجرى مكغيرك لقاءات مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وقيادات كردية أخرى بحث خلالها نتائج الانتخابات، “مع تسليط الضوء على احتمالات تشكيل الحكومة المقبلة”، وفقا لبيان صادر عن مكتب بارزاني.

ويهدف المبعوث الأميركي إلى “خلق تكتل مضاد للقوى التي تسعها إيران لتأسيسها في البرلمان” وفقا لرئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي.

ويضيف الهاشمي لـ”موقع الحرة” أن “واشنطن ستواجه صعوبات عديدة من أجل تشكيل هذا التحالف المضاد لإيران، حتى في حال نجحت في تحييد أصدقاء طهران وتشكيل الحكومة”.

ويوضح الهاشمي أن “التحالف الذي تحاول واشنطن تأسيسه يتكون من الحزب الديمقراطي الكردستاني وقوى سنية مقربة من الرياض وتحالف العبادي والصدر”.

ترغب إيران بتشكيل ائتلاف برلماني يضم القوى الشيعية بأكملها ومن ضمنها تحالف سائرون بزعامة الصدر، وفقا للهاشمي الذي يضيف أنه “في حال رفض الصدر ذلك فستقوم بضم قوى سنية مقربة من إيران إضافة للاتحاد الوطني الكردستاني”.

ويمثل تحالف الفتح بقيادة الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري المظلة السياسية للحشد الشعبي الذي تدعمه إيران ويضم فصائل بعضها يشرف عليها قاسم سليماني ولعبت دورا في محاربة داعش في العراق مثل عصائب أهل الحق.

وأظهرت نتائج الانتخابات شبه النهائية تقدم ائتلاف سائرون بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر ويضم أيضا الحزب الشيوعي العراقي بحصوله على 54 مقعدا، فيما حاز تحالف الفتح المركز الثاني بعد نيله 49 مقعدا، وجاء العبادي في المركز الثالث بـ42 مقعدا.

وحصل إئتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي على 25 مقعدا، وتحالف الوطنية بزعامة إياد علاوي 21 مقعدا، فيما تمكن ائتلاف الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم من الحصول على 19 مقعدا.

وشكل فوز ائتلاف سائرون مفاجأة حتى لأقرب منافسيه، ولا يحظى رجل الدين الشيعي الشاب بعلاقات طيبة مع إيران وهو ما ظهر واضحا في الهتافات المناهضة لإيران التي اطلقها مناصروه خلال الاحتفال بإعلان نتائج الانتخابات.

كما لا يحظى الصدر بعلاقات طيبة مع واشنطن، بعد أن شهدت الأعوام الماضية مواجهات مسلحة بين القوات الأميركية في العراق وعناصر جيش المهدي الجناح المسلح للتيار الصدري.

وقام الصدر في تموز/ يوليو 2017 بزيارة نادرة للسعودية حيث التقى مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومسؤولين آخرين وهي خطوة اثارت غضب ايران وحلفائها في العراق.

وكان الصدر ألمح في تغريدة هذا الأسبوع من خلال اللعب على المعنى إلى نية التعاون مع اطراف فائزة في الانتخابات باستثناء الفتح التي تضم فصائل من الحشد الشعبي، وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ويتعين على رئيس الوزراء العراقي المقبل أن يحظى بدعم إيراني وأميركي أو على الأقل ينجح في خلق توازن في ظل التوتر بين الجانبين، وفقا للمحلل السياسي أحمد الأبيض.

ويرى الأبيض أن “المعسكر الأميركي في العراق سيكون الأقرب لتحقيق الفوز وتشكيل الحكومة المقبلة، والذهاب مع المجتمع الدولي”.

لكن ذلك لا يعني أن ايران أو حلفائها في العراق سيقفون مكتوفي الأيدي تجاه هذا التحرك يقول الأبيض، ويضيف “ستسعى طهران جاهدة لوضع العراقيل في طريق هذا التحالف وإفشاله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *